حظيت الوزيرة الفرنسية ميشال أليو ماري باستقبال من قبل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة مرتين في أقل من شهرين، واحدة في الجزائر والأخرى أول أمس بليبيا، وهو مؤشر على أن الرئيسة الجديدة لقصر ''الكيدورسي'' استطاعت أن تعيد قطار العلاقات بين البلدين إلى السكة، بعد حالة الفتور التي تسبب فيها وزير الخارجية السابق برنار كوشنير. لم يسبق وأن حظي وزير فرنسي في الأشهر الماضية بنفس الترحاب الذي خصت به وزيرة الخارجية الفرنسية ميشال أليو ماري من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي استقبلها في ظرف أقل من شهرين مرتين، وهو ما لم يتمكن من الظفر به سابقها في قصر الكيدورسي برنار كوشنير، الذي طلب مرارا برمجة زيارة رسمية للجزائر، لكن طلبه قوبل في كل مرة بالرفض من طرف السلطات الجزائرية. ويكون بذلك التغيير الحكومي الذي أجراه الرئيس نيكولا ساركوزي على حكومة فرانسوا فيون، والذي تم بموجبه رحيل برنار كوشنير من وزارة الخارجية، قد نجح على الأقل في ترميم العلاقة ''الباردة'' التي ميّزت علاقات باريس مع الجزائر طيلة عدة أشهر، كانت من تداعياتها تأجيل زيارة الدولة للرئيس بوتفليقة إلى باريس عدة مرات. ولا يستبعد أن تكون إخفاقات وزير الخارجية السابق برنارد كوشنير، في إعادة الدفء لمحور الجزائر باريس وخرجاته الإعلامية ''المستفزة''، على غرار قوله بأن العلاقات بين فرنساوالجزائر لن تتحسن حتى يرحل جيل الثورة من الحكم، قد فرضت على الرئيس ساركوزي بتغييره في أول تعديل حكومي وتعيين وزيرة العدل ميشال أليو ماري على رأس الدبلوماسية الفرنسية. وبالنظر إلى ثقل الملف الجزائري على مستوى الخارجية الفرنسية، لأسباب تاريخية وسياسية واقتصادية واجتماعية، فلا شك أن قصر الإليزي في اختياره لميشال أليو ماري لقيادة الدبلوماسية الفرنسية، قد فهم بسرعة محتوى الرسالة المشفّرة التي بعثها وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي، عندما وصف أليو ماري بأنها ''صديقة الجزائر'' غداة زيارتها للجزائر كوزيرة للعدل في شهر أكتوبر الفارط. وتكون استجابة باريس السريعة لرغبة غير مباشرة للجزائر، في ضرورة رحيل كوشنير من الخارجية الفرنسية، إن كانت تريد فعلا تنشيط العلاقات بين البلدين، وراء الحفاوة التي ردت بها الجزائر في استقبال الأمين العام للإليزي كلود غيون وميشال أليو ماري مرتين من طرف الرئيس بوتفليقة، وهي اللقاءات التي سمحت بتعبيد الطريق أمام منسق ملف العلاقات بين فرنساوالجزائر الوزير الأول السابق جون بيار رافاران في زيارته للجزائر، وبدأ فتح مسائل التعاون الاقتصادي المعلقة منذ سنوات بين الطرفين. ورجّحت مصادر مطلعة عن ملف العلاقات الجزائرية الفرنسية أن وزيرة الخارجية الفرنسية ميشال أليو ماري قد فتحت مع الرئيس بوتفليقة في لقائها به، على هامش القمة الإفريقية الأوروبية المنعقدة بليبيا، إعادة بعث زيارة الدولة المؤجلة إلى باريس لترسيم نهاية التوتر في العلاقات بين البلدين.