بدأت مخاوف الطبقة السياسية الأمريكية تتزايد مع مرور كل يوم على العمليات العسكرية في ليبيا بسبب غياب جدول زمني يحدد فترة التدخل العسكري لتنفيذ قرار مجلس الأمن. ومع استمرار الغارات الجوية على ليبيا، اشتدت الانتقادات للرئيس باراك أوباما حول دور الولاياتالمتحدة في هذه العمليات، ناهيك عن التكاليف الكبيرة التي تتحمّلها الخزينة. جاءت هذه الانتقادات من عدد من نواب الحزب الجمهوري المعارضين لسياسة أوباما في العديد من القطاعات، حيث عبّر رئيس مجلس النواب الجمهوري جون بينر عن قلقه من استمرار العمليات العسكرية في ليبيا إلى أجل غير معروف. وتساءل بينر في رسالة وجهها للرئيس الأمريكي عن مدى قيام وزارة الدفاع الأمريكية بتقييم حقيقي لتكلفة العمليات العسكرية في ليبيا، خصوصا في ظل تقارير تحدثت عن تكبّد الولاياتالمتحدة 100 مليون دولار يوميا من خلال مشاركتها في فرض الحظر الجوي على ليبيا. وحسب عدد من الخبراء فإن التكلفة قد ترتفع لتصل إلى مليار دولار خلال أيام قليلة، مهما كانت نتائج العملية العسكرية، كونها ستعجل برحيل معمر القذافي من عدمه. وأمام هذا الوضع يعتقد المحللون أن البيت الأبيض سيكون أمام احتمالين، أولهما اللجوء إلى الاقتراض لتمويل ما تبقى من العمليات العسكرية، أما الثاني فيتمثل في اللجوء إلى الكونغرس لطلب تمويل طارئ. ويرى المراقبون أن الرئيس باراك أوباما سيجد صعوبة كبيرة لإقناع نواب الكونغرس لتخصيص تمويل إضافي مستعجل للعمليات العسكرية، في ظل حالة الاحتقان بين النواب الجمهوريين والرئيس الأمريكي حول عمليات الإنفاق التي يطالب المعارضون بتقليصها، حيث سبق للكونغرس أن أعلن عن رغبته في تقليص ميزانية الدفاع للسنة الجارية بمقدار 23 مليار دولار، بهدف تقليص الإنفاق الحكومي. كما سبق أن عارض الجمهوريون الذين يسيطرون على الأغلبية في مجلس النواب، المقترحات التي قدمها أوباما بخصوص موازنة السنة المقبلة. ويربط الكثير من السياسيين الأمريكيين بين المشاركة الأمريكية في العمليات العسكرية في ليبيا من جهة، واحتمال رحيل القذافي من عدمه، حيث تساءل العديد من المتتبعين عن جدوى هذه العمليات التي تهدف، حسب قرار مجلس الأمن، إلى حماية الليبيين، ودون التطرق إلى رحيل القذافي، في الوقت الذي ما زالت فيه الولاياتالمتحدة مصرة على رحيل هذا الأخير. وأمام هذا الوضع تسعى واشنطن إلى إقناع المجتمع الدولي بأنها لن تتولى العمليات العسكرية في ليبيا، حيث أعلن وزير الدفاع الأمريكي أن باراك أوباما لا يرغب في احتفاظ واشنطن بقيادة العمليات العسكرية لأكثر من أسبوع، في وقت قال فيه الجيش الأمريكي إن بلاده ستسلم القيادة قبل يوم غد السبت. وقد اعتبر العديد من المراقبين هذه التصريحات بمحاولة واشنطن عدم تكرار تجربتي العراق وأفغانستان اللتين تسببتا في حرج كبير للإدارة الأمريكية سواء الحالية أو إدارة جورج بوش، وذلك بسبب ارتفاع تكاليفها وتأثيرها السلبي على الاقتصاد الأمريكي الذي ما زال لم يخرج من مرحلة الركود.