الأب والأم في عبادة لله عزّ وجلّ حين التربية والإنفاق والسهر والمتابعة والتعليم، بل وحتّى إدخال السرور عليهم وممازحتهم إذا احتسبوا ذلك، فالأصل تعبد الله عزّ وجلّ: { وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إلا لِيَعبُدُونِ} الذاريات .56 والنفقة عليهم عبادة، كما قال عليه الصّلاة والسّلام: ''دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرًا الّذي أنفقته على أهلك'' رواه مسلم. وقال عليه الصّلاة والسّلام: ''إذا أنفق الرجل على أهله نفقة يحتسبها فهي له صدقة'' متفق عليه. ولابُدَّ من الإخلاص لله عزّ وجلّ في أمر التربية، فإن أراد المربي الدنيا فقد إنثلم إخلاصه، وترى البعض يحرص على تعليم أبنائه لكي يحوزوا المناصب والشهادات، ولاشك أنّ الخير في تعليمهم ابتغاء ثواب الله عزّ وجلّ وما عداه فهو تابع له، والنية في هذا الأمر عظيمة وهي من أسباب صلاح الأبناء وحسن تربيتهم، فما كان لله فهو ينمو ويكبر، وما كان للدنيا فهو يقل ويضمحل. وبعض من الآباء يبرّ والديه لكي يراه صغاره، فيعاملونه إذا كبر وشاخ بمثل ذلك. وهذا فيه حبّ الدنيا وحظوظ النفس، ولكن المؤمن يخلص لله في برّ والديه رغبة في ما عند الله عزّ وجلّ وطاعة لأمره في برّ الوالدين، لا للدنيا والمعاملة بالمثل.