تفاجأ، أمس، المئات من رجال المقاومة وأعوان الدفاع الذاتي الذين توجهوا إلى ساحة الشهداء للاعتصام، بإقدام سلطات ولاية الجزائر العاصمة على تسييج ''الساحة العريقة'' بشباك حديدي يمنع الولوج إلى وسطها بسهولة مثلما كان الحال عليه في السابق. المعتصمون وحتى المارة علقوا على هذا ''المشروع الاستعجالي'' بأنه ''غير بريء'' في هذا الوقت بالذات، على اعتبار أن الساحة تحولت في المدة الأخيرة إلى ''قبلة'' يقصدها كل محتج لم يتمكن من الوصول إلى ''مير'' أو رئيس دائرة أو وال لعرض انشغالاته. السلطات المحلية اقتنعت بأن ساحة الشهداء بالعاصمة بدأت تستقطب اهتمام شرائح هامة من المجتمع الجزائري، التي تطالب بالتكفل بمشاكلها، وذهب البعض من المحتجين والمعتصمين إلى حد تشبيهها بميدان التحرير في القاهرة، فكان لزاما عليها السلطات المحلية أن تتخذ إجراء استعجاليا للحد ''من الشهرة'' التي بدأت تكتسبها بفعل ما حققه على وجه الخصوص أعوان الحرس البلدي منذ أيام من مكاسب فوق أرضيتها، ولم تجد إلا السياج الحديدي لحل هذه المعضلة والتقليل من التجمعات غير المرخصة. وبالنظر إلى تسارع وتيرة الاحتجاجات وتزايد عدد الإضرابات والمضربين في يوم واحد ومكان واحد، مثلما حدث أمس في ساحة الشهداء، حيث تجمّع كل من رجال المقاومة وأعوان الدفاع الذاتي وعناصر الأمن المفصولين، فإن السلطات تكون قد فضلت اللجوء إلى أسهل طريقة لمواجهة ''وجع الراس'' وذلك ب''غلق الساحة كلية في وجه المارة، في انتظار ما ستكشفه الأيام المقبلة من مشاريع، وبذلك تكون السلطات أيضا قد قللت من الأهمية التي ظلت تكتسيها ساحة الشهداء على مر السنين وبالضبط منذ انطلاق ''التعددية'' في الجزائر، حيث تحولت إلى قبلة لتنظيم الاعتصامات أو لإعطاء إشارات بدء المسيرات الشعبية انطلاقا منها أو باتجاهها، وكانت تقصدها مختلف الأحزاب المعتمدة والجمعيات، وهذا لسببين مهمين، من جهة للرمزية التي تكتسيها ساحة الشهداء في نظر الجزائريين عامة ومن جهة ثانية لأنها من الأماكن القليلة التي تتوفر عليها العاصمة والتي تتسع للتجمعات بهذا الشكل.