قتل وجرح عشرات فجر أمس السبت في هجوم لقوات الأمن اليمني على ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء مستخدمة الرصاص الحي والغاز المدمع والماء الساخن لتفريق المعتصمين داخلها، مما أدى إلى اختناق نحو ألف بعضهم حالته حرجة، وسط اتهامات للأمن باستخدام غاز سام محظور دوليا. وتحاول قوات الأمن اليمني ومسلحون مؤيدون للسلطة ممن يسميهم المعتصمون "البلاطجة" إخلاء الساحة بالقوة في مخطط بدأ منذ عصر الجمعة، وقال شهود عيان إن قوات الأمن ورجال شرطة بالزي المدني هاجموا المعتصمين في ساحة الجامعة وقت صلاة الفجر وأطلقوا الرصاص بغزارة، وطاردوا المحتجين في شوارع جانبية، في حين اعتلى مسلحون بزي مدني أسطح المنازل المحيطة بالساحة. وأظهرت صور بثتها قناة «الجزيرة» عشرات المصابين في حالات اختناق، وامتلأت الساحة بالغاز الناتج عن القنابل المدمعة، وسمعت مكبرات للصوت تطالب المعتصمين بالثبات في الساحة وعدم مغادرتها ودعت المواطنين بالخارج إلى الانضمام للساحة ومؤازرة المعتصمين. وحمّل المعتصمون الرئيس علي عبد الله صالح وأقاربه الذين يديرون وحدات الجيش والأمن والسلطة المحلية بالعاصمة صنعاء المسؤولية الكاملة عما يتعرضون له من اعتداءات من قبل البلطجية ومن قوات الأمن. وأكدوا أن من يقف وراء الاعتداءات التي تحدث للمعتصمين سلميا "لن يفلت من العقاب العادل". تحذير قبلي للدولة وكان شيخ مشايخ قبائل حاشد الشيخ صادق الأحمر قد اجتمع الجمعة مع وجهاء وعلماء ونشطاء سياسيين ووجه تحذيرا للدولة من المساس بالمعتصمين بالساحة، بعد أن ظهرت بوادر التدخل الأمني بعد اعتصامات جمعة الصمود. وفي رد على الهجوم هدد المعتصمون بنقل اعتصامهم إلى شارع السبعين حيث القصر الرئاسي إذا لم تتوقف اعتداءات البلطجية وقوات الأمن. وانطلقت مسيرة في صنعاء بالمئات للتنديد بالاعتداء كما بدأ الألوف من كل الأعمار -في مظهر لم يكن معتادا- بالتوافد إلى الساحة لشد أزر شباب الثورة. وبقيت الساحة تشهد حالة من الغليان والغضب الشديد، ورفع المعتصمون عبوات القنابل المدمعة المصنعة في الولاياتالمتحدة هاتفين ضد أمريكا التي لم يكن صالح ليتجرأ على مهاجمتهم لولا تأييدها لمبادرته ودعمها له، حسب قولهم. وفي السياق اتهم المعتصمون السلطة باستخدام غازات كيميائية ضدهم، في حين تصر الحكومة على أن الغاز هو من المصرح به وهو غاز مسيل للدموع. ووفق شهادات أطباء تحدثوا فإن المصاب بعد استنشاقه للغاز يصاب بتشنج وارتعاش وشل للحركة تماما وأعراض لا يسببها على الإطلاق الغاز المدمع، وطالبوا السلطة بالكشف عن اسم الغاز وتزويدهم بالأمصال المضادة لعلاج المصابين. ضباط من الجيش في صف المتظاهرين من جانب آخر اعتصم مئات الآلاف في ساحة الحرية بمدينة «تعز» اليمنية للمطالبة بإسقاط النظام. وردد المعتصمون هتافات تدعو الرئيس اليمني للرحيل، ونددوا باعتداءات قوات الأمن والبلطجية على المحتجين في صنعاء وعدن وبقية المحافظات. وفي محافظة «عمران» شمال صنعاء شارك عشرات الآلاف في ما وصف بجمعة الصمود في ساحات الاعتصام المطالبة بإسقاط النظام. وحذر المشاركون في الاعتصامات السلطات اليمنية من أي مساس بالمعتصمين في ساحات اليمن المختلفة. كما طالب المتظاهرون الرئيس اليمني بالرحيل وهتفوا ضد ما وصفوه بالقمع والفساد والاستبداد، وشددوا على أهمية تقديم المتسببين في قمع المحتجين إلى المحاكمة بسرعة. وشهدت الاعتصامات في اليمن انضمام ضباط في الجيش والأمن للمتظاهرين، وقال العميد في وزارة الداخلية «نجيب محفوظ المنصوري» إنه يعلن انضمامه لمطالب الشعب دون أن يستقيل، لأن من عليه الاستقالة هو الرئيس اليمني. قتيل في ساحة التغيير وأورد مراسل موقع «الجزيرة نت» أن العشرات من مشايخ ووجهاء قبائل مراد في «مأرب» أعلنوا انضمامهم للمعتصمين بساحة التغيير في صنعاء. ونقل عن اللواء «علي عبد الله الأعوش» -أحد مشايخ قبائل مراد- قوله إن انضمام مشايخ مراد للاعتصام جاء بعد وصولهم إلى قناعة تامة بأن "نظام الرئيس صالح لم يعد قادرا على تقديم أي شيء لليمن، بل إنه أصبح السبب لكل مشاكل البلاد". من جانبه أكد العميد «علي بن علي القردعي» -أحد كبار وجهاء قبيلة مراد- أن انضمامهم لشباب الثورة السلمية هو تعبير عن الرغبة الصادقة للقبائل اليمنية في الانتقال للدولة المدنية و"الخروج من حقبة صالح التي وصلت فيها الصراعات والثارات القبلية حدا لا يطاق وبتمويله ودعمه". وكانت أخبار صحفية قد أشارت إلى أن القتيل الذي سقط في ساحة التغيير هو الشاعر «أحمد المنيعي» من «مأرب» وممن التحق بالساحة الجمعة، لكن مراسل قناة «الجزيرة» القطرية قال إن «المنيعي» حي وإن القتيل شخص يشبهه بالاسم.