أعلن المدير العام للصيدلية المركزية، الدكتور دليح شريف، أن وزير الصحة جمال ولد عباس، وقّع على قرار استعجالي يأمر فيه جميع الهيئات والمؤسسات الاستشفائية التي موّنت من طرف الصيدلية المركزية، بتسديد مستحقاتها المسجلة من بداية جانفي الفارط إلى غاية الآن والتي بلغت قيمتها 13 مليار دينار. أوضح الدكتور دليح، الذي نزل أمس ضيفا على ركن ''فطور الصباح''، بأن هذا القرار الاستعجالي جاء لتجنب أي ندرة أو اختلال في التموين، خاصة بالنسبة للمستشفيات مع الدخول الاجتماعي المقبل. واعترف المسؤول الأول للصيدلية المركزية بأن هيئته تعيش وضعية حرجة بسبب تراكم مستحقاتها لدى المستشفيات، حيث قامت بتموينها منذ بداية السنة الجارية بما قيمته 13 مليار دينار، مؤكدا بأنه ''من غير المعقول'' استمرار الصيدلية المركزية في تقديم الإعانات الخاصة بالعمليات الصيدلانية والجراحية، في الوقت الذي لم تتلق أي مدخول مقابل ما تم إنفاقه. في السياق نفسه، قال نفس المسؤول إن مستحقات هذه السنة جاءت لتضاف إلى ما قيمته 5 ,7 مليار دينار من مستحقات السنة الماضية التي أضحت ديونا على المستشفيات يتعين تسويتها، ليتجاوز المبلغ الإجمالي لمستحقات الصيدلية المركزية على المستشفيات 20 مليار دينار أي 2000 مليار سنتيم. من جهة أخرى، أكد المدير العام للصيدلية أن مسؤولي المؤسسات الاستشفائية الذين اجتمعوا مؤخرا مع الوزير، واعون بالوضعية الحرجة للصيدلية، مؤكدا بأن هؤلاء ليسوا السبب في هذه الوضعية التي ترجع أساسا إلى الإجراءات الجديدة المعتمدة في إطار قانون الصفقات العمومية الجديد. وحسب الدكتور دليح، فإنه بمقتضى القرار الموقع من طرف الوزير، ستتمكن الصيدلية من استرجاع مستحقاتها في ظرف أقل من شهرين لتضمن دخولا اجتماعيا مستقرا. على صعيد آخر، أكد المسؤول ذاته أن قرار الوزير سيسمح للصيدلية، وللمرة الأولى، بتحصيل مستحقاتها منتصف السنة، بعد أن اعتادت على أن يدفع لها مرة كل سنة. نزوّد المستشفيات دون أي عقد أكد الدكتور دليح أن الصيدلية المركزية للمستشفيات تقوم، حاليا، بتزويد المستشفيات بالأدوية دون أن تكون هنالك عقود مكتوبة أو عقود تجارية واضحة، مشيرا إلى أن كل ما هو معمول به هو قسيمة الطلبيات وهو لا يمكن أن يشكل وثيقة تجارية كما لا تسمح بتحديد الحاجيات الفعلية للمستشفيات على المدى المتوسط والبعيد، ما يخلق اضطرابات كبيرة في مجال التموين. مستطردا في نفس السياق ''كيف يمكن البرمجة والتوقع دون معرفة دقيقة بالكميات المطلوبة؟ وكيف يمكن الالتزام حينما لا نمتلك معطيات ومعلومات دقيقة ودورية ومنتظمة حول ما تحتاجه المستشفيات؟ فالعمل يتم على المدى القصير بطلبيات متكررة ومتعددة''. قرار يسمح باستيراد الأدوية دون تراخيص للأمراض النادرة كشف المدير العام للصيدلية المركزية بأنه تم، مؤخرا، التوقيع على قرار من طرف الوزير يسمح باقتناء الأدوية غير المسجلة للأمراض النادرة، دون اللجوء إلى الحصول على التراخيص المؤقتة للاستعمال المعمول به بالنسبة للأدوية الأخرى. وحسب المدير العام للصيدلية، فإن مثل هذا القرار جاء حرصا من الوزير على التكفل بهذه الفئة، حيث يقوم بمتابعة جميع العمليات والمهام الموكلة إلى الصيدلية المركزية في هذا الإطار. بالنسبة للأمراض المزمنة الأخرى، مثل السرطان وداء السكري، أوضح ذات المسؤول بأن الوزارة قد قامت بوضع عدة مخططات للتكفل بالأمراض المزمنة التي خصصت لها الدولة ميزانيات سيتم متابعتها من طرف الوزارة. وبالنسبة لمرضى السرطان، قال ذات المسؤول إن الوزارة خصصت غلافا ماليا تتراوح قيمته بين 9 إلى 10 ملايير دينار سنويا للتكفل بهذه الفئة من المرضى. القضاء على مخزون الأدوية الفاسدة يوفر 60 مليار سنتيم إلزام الشركات المنتجة بالاسترجاع والتعويض العيني أو المالي كشف الدكتور شريف دليح أن العملية الأولى التي تم الشروع فيها للقضاء على مخزون الأدوية الفاسدة، سمحت بتحقيق عائد مالي يقدر ب60 مليار سنتيم لفائدة الخزينة العمومية، موضحا بأن العملية ستستمر ويرتقب تحقيق حصيلة مضاعفة عن تلك التي سجلت مع بدايتها. وأوضح دليح بأنه بناء على التعليمة التي وجهتها وزارة الصحة، شرعت الصيدلية المركزية للمستشفيات في عملية تطهير واسعة لمخزون الأدوية الفاسدة، وسمحت العملية بتوفير 60 مليار سنتيم للخزينة العمومية لدى المتعاملين المتخصصين. ولاحظ دليح أن هنالك أدوية يعود تاريخ عدم صلاحياتها إلى 1997، أي أنها مخزنة منذ قرابة 14 سنة، ما يشكل تهديدا على عدة مستويات سواء البيئية أو الصحية وتطلب الأمر تطهير المخزون. وأكد دليح أن هنالك جزءا ثانيا من الأدوية الفاسدة سيشرع في القضاء عليه. وعن آليات وشروط القيام بمثل هذه العملية المعقدة والمركبة، شدد دليح على أن الصيدلية المركزية للمستشفيات ألزمت كافة الشركات المنتجة والممونة للأدوية بأن تستعيد كميات كبيرة من مخزون الأدوية الفاسدة التابعة لها، وفقا لالتزام تعاقدي يفرض عليها إما تعويضها بصورة عينية أي بمخزون أدوية صالح أو تسديد قيمتها ماليا موازاة مع استعادتها والتكفل بمصاريف وتكاليف نقلها وتطهيرها. هذه العملية تسمح للخزينة العمومية باقتصاد مبالغ مالية معتبرة، حسب الدكتور دليح، مضيفا أن العملية مقننة ومنظمة لضمان نجاحها. وقد شكلت مسألة التعامل مع مخزون الأدوية الفاسدة تحديا كبيرا بالنظر إلى حجمها المتزايد سنويا، حيث قدرت بحوالي 10 آلاف طن. ندفع للبنوك خلال 95 يوما وتدفع لنا المستشفيات بعد 563 يوم أكد المدير العام للصيدلية المركزية، الدكتور دليح شريف، بأن الصيدلية لا يمكنها الاستمرار في توفير منتجاتها من الأدوية دون أن يسدد لها المتعاملون معها من هيئات ومؤسسات استشفائية، مستحقاتهم في الوقت اللازم. في الإطار نفسه، قال نفس المسؤول بأن البنوك تجبر الصيدلية المركزية على دفع جزء من فاتورة استيرادها في ظرف 59 يوما، وذلك في إطار القرض المستندي المعتمد في قانون المالية التكميلي لسنة .2009 بالمقابل، أشار المدير العام للصيدلية إلى أن المستشفيات ونتيجة للإجراءات المعمول بها في إطار قانون الصفقات الجديد، لا تسدد للصيدلية المركزية إلا بعد 365 يوم. وأعاد دليح التأكيد ''من غير المعقول أن تفرض علينا آليات مشددة مثل إلزامية العمل بالاعتماد المستندي الذي يستغرق متوسط 59 يوما، بالمقابل تسدد المستشفيات مستحقاتها بعد سنة، أي أننا نتلقى مستحقات 2010 في 2011 ومستحقات 2011 في .''2012 مضيفا ''لا يمكننا توفير كافة المنتجات، بينما لا نتلقى مستحقاتنا''. القطاع الخاص لا يمكنه ضمان التكفل بالخدمة العمومية لاحظ الدكتور دليح أنه لا يمكن للقطاع الخاص أن يضمن الخدمة العمومية والتكفل بأكثر من 800 جزئي أي أصناف أدوية و3000 صنف من المواد الصيدلانية، مشيرا إلى أن متعاملين خواص سبق لهم أن التزموا بصناعة أدوية ولكنهم تخلفوا عن تطبيق هذه الالتزامات، بعد أن سلمت وزارة الصحة تراخيص خاصة وبعض الخواص تخلوا عن إنتاج الجزئيات، لأنها غير مربحة في نظرهم ولا تدر الكثير. مضيفا، ''حينما نلتزم بإنتاج دواء ثم لا نقوم بذلك بعد أن يتوقف برنامج الاستيراد، تحدث بالفعل ندرة ونقص في إمداد السوق بالأدوية. بالمقابل تقوم الصيدلية المركزية رغم عدم تحصيل مستحقاتها المالية، بعدم التخلي عن أي دواء، بل يتم اللجوء إليها في حالات استعجالية لضمان سد النقص أو الندرة، غم أننا نعاني من الأطر التنظيمية والقانونية التي تجعل عمليات تسديد المستشفيات لمستحقاتها بطيئة، لذلك طلبنا، يقول دليح، من السلطات العمومية هيئة ضبط والتعامل مع الصيدلية المركزية كهيئة إستراتيجية وليس كخواص كما أنها أداة تعكس السيادة لأنها تخص مادة هامة جدا، لأن الإجراءات المعمول بها حاليا ثقيلة جدا وتثقل كاهل ميزانية الصيدلية، بينما تقوم الصيدلية المركزية بالتكفل بانتظام بحاجيات المستشفيات وإن لم تحصل على أموالها بسرعة''. ولاحظ دليح ''هنالك أيضا إلزام الصيدلية بالمرور دوما على المناقصات وفقا لقانون الصفقات العمومية، للحصول على العقود، ولكن حينما يكون هنالك عرض واحد فقط وهو عرض الصيدلية المركزية تعتبر المناقصة غير مجدية''. لا نتلقى أي دعم مالي من الدولة أشار الدكتور دليح إلى أن الصيدلية المركزية للمستشفيات لا تتلقى، على عكس ما هو معتقد، من الدولة دعما ماليا مباشرا وأن الموارد المالية تمنح للمستشفيات التي تتلقى الأدوية من الصيدلية المركزية، وهي ملزمة بتسديد مستحقاتها. إلا أن هذه الأخيرة غالبا ما تتأخر في سداد المستحقات التي تتحول إلى ديون تثقل كاهل الصيدلية المركزية التي يتعين عليها تسديد مستحقاتها أيضا تجاه المتعاملين المحليين ودفع قيمة الأدوية المستوردة، بعد فتح رسائل اعتماد بنكية. وعليه، أكد الدكتور دليح ''نأمل أن نسوي هذه الوضعية وأن نتلقى مستحقاتنا شهريا، بدل أن نتلقاها سنويا''.
سننتج بيكاربونات المياه والمحاليل لأنه من غير اللائق استيرادها اعتبر الدكتور دليح أن الصيدلية المركزية للمستشفيات ملزمة بالخدمة العمومية، وأنها تشكلت على أساس مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري، وهذا الطابع يعطيها المجال للقيام بإنتاج الأدوية، ''وقد قررت بناء على توجيه الوزارة الوصية إنتاج المحاليل وبيكاربونات المياه، وتم القرار بعد أن لاحظ وزير الصحة، يقول دليح، بأنه من غير اللائق استيراد المياه التي تستخدم كإضافة لعدد من الأدوية مثل أدوية العلاج الكيميائي للسرطان، بينما نفكر في الدخول إلى صناعة الأدوية الحيوية''. مضيفا ''سندخل في الإنتاج في ظرف ستة أشهر ونضمن اقتصاد موارد مالية معتبرة، بفضل إحلال الواردات''. لا احتجاجات ولا فضائح بالصيدلية المركزية شدد الدكتور دليح على أن الصيدلية المركزية للمستشفيات كانت من بين الهيئات القليلة التي لم تواجه احتجاجات مطلبية عمالية أو نزاعات ذات طابع مهني اجتماعي، كما لم تواجه أيضا فضائح أو مشاكل داخلية. وأكد دليح أن الهيئة تبنت سياسة خاصة للتواصل مع كافة العاملين والاتصال معهم وتحمليهم المسؤولية وإشعارهم بأنهم معنيون بمصير المؤسسة. وذكر دليح أنه لا يقبل أبدا بالاقتطاع من أجور أو عائدات العمال أو من أرباحهم، رغم أن المؤسسة واجهت أوضاعا خاصة من قبيل عدم تسديد المستشفيات لمستحقاتهم.