فقدت ولاية سطيف والجزائر عمومًا يوم الأربعاء 27 رجب 1432ه، الموافق ل29 جوان 2011م، أحد أبرز علمائها الأجلاء، فضيلة الشيخ العالم اللّغوي الفقيه محمد بن الصالح حمر العين، عن عمر يناهز 85 . ويعود للشيخ الفضل البارز على كثير من أئمة وطلبة العلم بمدينة سطيف، ولا يكاد أحدهم يجهل قيمته العلمية، بل درس أغلبهم على يديه صنوف العلم. فكان شارحًا للعديد من المراجع من أمهات الكتب مثل: الجوهرة، والرحبية والآجرومية وقطر الندى وألفية ابن مالك ومتن ابن عاشر ورسالة ابن أبي زيد ومختصر خليل. وكان الفقيد أضبط أهل سطيف لمذهب الإمام مالك، حتّى أن الأساتذة الجامعيين المختصين في الشريعة يلجأون إليه لفك المعضلات. ولم يترك الشيخ أيّ تأليفات سوى كتاب بإلحاح من تلامذته في شرح الأجرومية الذي كان يلقيه تباعًا في مسجد الشيخ المقراني بحي ''راسيدور''، زيادة على أنّ له شعرًا كثيرًا ضاع على مرّ الزمن. وُلِد الشيخ سنة 1926م في قرية أولاد حمر العين، قرب بلدية بني عزيز بولاية سطيف. نشأ في بيئة علمية، إذ كان لعائلته شرف تأسيس زاوية ''العين'' التي تداول عليها جموع طلبة العلم من كلّ الأقطار، ومنهم عمّه وأخوه وأبوه الذين كانوا أقطابا كذلك في العلم. كما كانت أمّه فقيهة، درس ابنها على يدها أصول العقائد. وقبل ذلك حفظ القرآن وعمره ثلاثة عشر عامًا، ودرس الفقه والنّحو والبلاغة والمنطق والحساب والفلك.. على يد مشايخه: بن عمارة الزلاجي، علي بن كسيرة، موسى بن كسيرة، عمر صباح الخلفاوي، الحسين بن قارة وغيرهم. ولمّا اندلعت الثورة المباركة اضطر إلى مغادرة منطقة القبائل الّتي كان يُدرِّس فيها علوم الدِّين والعربية، والتحق بالثورة عضوًا في لجنة قضائية تابعة لجيش التحرير الوطني، وكان مقرّبًا من جمعية العلماء المسلمين وصديقًا حميمًا للشيخ محمد البشير الإبراهيمي. وبعد الاستقلال وظّف في التعليم ممرّنًا لأنّه لا يمتلك شهادة. وللتّذكير، فقد شُيِّعت جنازة الفقيد بمقبرة سيدي الخَيِّر في غياب واضح للسلطات المحلية للمدينة، مع العلم أنّ أحد تلامذته القاطن بفرنسا تجشّم عناء الحضور مراسم الجنازة.