كشف تحقيق داخلي بوكالة بنك الفلاحة والتنمية الريفية بالرغاية، شرقي العاصمة، عن اختلاس مبالغ مالية ضخمة قدرت ب10 ملايير سنتيم على الأقل، بتواطؤ من مدير الوكالة الذي استغل منصبه ليمنح الضوء الأخضر لصحاب مؤسسة خاصة في أشغال البناء لسحب الأموال بطريقة غير قانونية. استغل ''ب.ر''، وهو صاحب مؤسسة خاصة لأشغال البناء، علاقته بمدير وكالة بدر بالرغاية، ليحصل منه على صكوك خاصة تسمح له بسحب الأموال من جميع وكالات البنك، في مقابل تقاسم الأرباح التي يحصّلها من استثمار الأموال في مشاريع المقاولات. غير أن إيفاد الإدارة المركزية للبنك لجنة تحقيق، عجّل بكشف عملية الاختلاس وتواطؤ مدير البنك الذي فرّ إلى خارج الوطن بمجرد أن بلغه خبر وصول لجنة التحقيق إلى الوكالة وتأكد من فضح أمره. وباشرت فرقة الاقتصاد والمالية لأمن ولاية الجزائر التحقيق في القضية بعد إيداع البنك لشكوى عن اختلاس أموال من وكالة الرغاية. حيث كشفت التحريات أن المدعو ''ب. ر'' يستغل سجلا تجاريا باسم زوجته وشقيقاتها في مجال المقاولات، وقد فعل ذلك حتى يموّه هويته الحقيقية، لكونه متورطا في عدة قضايا على غرار إصدار صكوك دون رصيد واستغلال سجلات تجارية لمؤسسات دون مقر اجتماعي، حيث صدرت في حقه خمسة أوامر بالقبض، وثلاثة في حق زوجته. وفيما لم تثمر عملية البحث عن مدير الوكالة الذي تبين أنه فرّ إلى تونس، تم توقيف صاحب المؤسسة ''ب. ر'' وزوجته ''ق. ش'' بنواحي القبة بالعاصمة، حيث عُثر ببيته على كفالتين بتسبيقات جزافية، يمنحها البنك للزبون الذي يتعاقد مع جهة لتنفيذ مشروع مقاولات، كضمان لتنفيذ المشروع مقابل فائدة، وقدرت قيمة الكفالة الأولى بمليارين و100 مليون سنتيم، والثانية ب4 ملايير و900 مليون، لتصل قيمة المبالغ المختلسة 10 ملايير سنتيم. وبين التحقيق أن المتهم ''ب. ر'' استفاد من الأموال دون الرجوع إلى مديرية القرض التي تبقى الجهة الوحيدة المخولة بمنح الكفالة الجزافية، بعد الاطلاع على العقد الذي يمضيه المقاول (زبون البنك) مع الجهة المستفيدة من المشروع. في حين لم يقدم ''ب. ر'' أي دليل على تعاقده مع أي جهة لتنفيذ مشروع بناء، رغم أنه أصرّ في تصريحاته أمام الضبطية القضائية، أنه تعاقد مع وزارة التربية لبناء مدرسة في تلمسان. وتم تقديم صاحب المؤسسة وزوجته أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة الحراش بتهمة اختلاس أموال عمومية واستعمالها على نحو غير شرعي والتزوير واستعمال المزور في محررات مصرفية، سوء استغلال الوظيفة، الرشوة والمشاركة، وإخفاء أموال مختلسة. وفيما لا يزال البحث جار عن مدير الوكالة، يقبع الزوج وزوجته في الحبس في انتظار المحاكمة التي ستكشف بلا شك عن مفاجآت أخرى.