استقبلتنا عائلة السيد الهاني معيزة، بحفاوة كبيرة وسط جميع أفراد الأسرة التي تعطي للشهر الفضيل ما يستحقه من التبجيل.. وعن تقاليد وتحضيرات شهر رمضان ليس هناك من هو أعلم بها من السيدة عائشة، تقول: نبدأ التحضير لشهر رمضان الكريم بعدة أيام قبل حلوله، حيث نهيئ الأجواء الخاصة به. فنقوم بطلاء البيت وتنظيفه وشراء المستلزمات الغذائية مثل السميد لتحضير خبز الدار المسمى ''الخميرة'' ومسفوف السحور والفريك وتوابل خاصة، إضافة إلى تحضير أحسن دوبارة متكونة عادة من الفول. ويقول الحاج الهاني بأن أحاديث الناس قبيل رمضان لا تكون إلا عن رمضان ومدى تحمل الناس للصيام في الصيف، لذلك، فإن مائدة الإفطار لا تخلو من مشروب ''الوزوازة'' التقليدي الذي يذهب ظمأ الصائم. والوزوازة، حسب الحاجة عائشة، تحضر من نحو أربعين عشبة طبية نافعة للجسم، حيث يتم تحضيرها بجمعها في كيس من القماش يوضع في صفيحة، ويضاف إليها الماء وبعض التمر وقشور الليمون وتترك أسبوعا كاملا قبل بداية استعمالها في أول يوم لشهر رمضان مع تجديد الماء كل 24 ساعة، فهي تقضي على الظمأ زيادة على منافعها الطبية للجسم. أما وجبة الإفطار فتشتمل عادة على أهم شيء وهو شق الصيام بشيء من التمر والحليب ثم تليه أهم وجبة وهي ''الجاري'' المعروف في بعض المناطق بالشوربة ومعه دوبارة الفول، ''حيث نتناولها مع خبز الدار''. و''الجاري'' يحضر، حسب السيدة عائشة، من القمح (الفريك) أو حتى من الشعير، كما يفضل البعض ذلك. وتقول بأن أكثر العائلات تكتفي بهذه الوجبة والبعض الآخر يضيف وجبات أخرى عادية مثل الطاجين الحلو وطاجين الزيتون ومنهم من يضع الشواء على المائدة. وبعد الإفطار، يتوجه الرجال، كما يقول الحاج الهاني، إلى المساجد لصلاة التراويح ويأخذون معهم أطفالهم، وبعدها يجلسون في الساحات الرملية حول كؤوس الشاي وتبادل الحديث والأخبار وحل بعض المشاكل الاجتماعية التي تحدث في النهار، خاصة النزاعات بين الشباب، بينما تتجمع النسوة في بيت من بيوت إحداهن وخاصة الأقارب ويقضين سهراتهن على احتساء الشاي وتناول الفول السوداني (كوكاو) وبعض الحلويات مثل الزلابية وقلب اللوز. ''وبعض سهرات الرجال تمتد إلى غاية السحور، والوجبة المفضلة هي عبارة عن طعام الكسكسي ''السفة'' المتكونة من بعض الخضر أو ''المسفوف'' الذي نكتفي بتحضيره من الزبيب والسمن البلدي والسكر، بينما البعض يقتصر على بعض التمر والحليب''.