ظل ساعي البريد أو ''الحمام الزاجل'' محتفظا بشخصيته اللطيفة والمحبة حتى بداية القرن ال21 حيث انفتح العالم على مجال الاتصالات، من أنترنت وفاكس وهاتف نقال، ليتراجع دور الساعي، الأمر الذي قلل من شعبيته ودوره في نقل الرسائل والطرود البريدية. واليوم، يحيا ساعي البريد حزينا على مهامه القديمة، بعدما اقتحمت التكنولوجيا والتقنيات الحديثة مداره القديم، حتى كادت تحوّل سيرته إلى حكايات أسطورية تحكيها الجدات لأحفادها ودوره في نقل الأخبار عن الأحبة والأصحاب والأهل الذين اضطرتهم ظروف الحياة إلى العمل أو الدراسة بعيدا عن الأهل والأقارب، ليبقى ذلك الرجل الساعي إلى ربط الأحبة بعضهم ببعض، متجاهلا في بحر الأنترنت ذلك العالم الافتراضي، حيث تنتقل الرسائل متخطية الزمان في لحظة زمن وبضغطة زر واحدة، مستبدلين الظرف البريدي والطابع الملصق عليه برسالة إلكترونية تصل إلى الشخص الآخر في بلد آخر أو قارة في زمن قياسي. فأغلبية المواطنين يجدون في الرسائل عبر الهاتف النقال أو البريد الإلكتروني وسيلة أسهل وأسرع للتواصل مع ذويهم في بلاد العالم. وبدلا من أن يرسل رسالة تبقى حبيسة صندوق البريد لمدة أسبوع أو أكثر وأحيانا قد لا تصل، فإنه في وقت وجيز يستطيع أن يتواصل مع أقاربه في أي رقعة من العالم، وباستطاعته أن يرسل في وقت قصير آلاف الرسائل إلى مناطق متفرقة من العالم. وقد اختلفت آراء المواطنين حول أهمية دور ساعي البريد ومهنته، في ظل التقدم التكنولوجي الحاصل في العالم واحتكار عالم الأنترنت، إلا أن هذا لن يحول دون استمرار مهنة ساعي البريد، تلك المهنة القديمة، حيث لا تزال بلدان متقدمة تواصل خدماتها عبر البريد العادي من خلال رسائل خطية أو هدايا رمزية، شيء جميل وشعور لا يمكن وصفه ينتاب الشخص عندما يستلم بعد شوق وطول انتظار رسالة خطية من صديق له في بلد آخر، على عكس الرسائل عبر البريد الإلكتروني.