سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
النهار" تزور المركز الوطني لمعالجة داء السرطان "بيار ماري كيري":مرضى يشتكون ندرة الأدوية الخاصة بهم وغلاؤها الفاحش... ويؤكدون أن العلاج المجاني ببلادنا ولى عهده
يعدون بالعشرات والآلاف من أنهكهم المرضى... وما زاد معاناتهم هو ندرة الأدوية الخاصة بهم التي أصبح اقتناؤها من المستحيلات، نظرا لأسعارها المرتفعة جدا ومن جهة ولغيابها الكلي بالمستشفيات من جهة ثانية، ليضاف إلى ذلك عدم تكفل الضمان الاجتماعي بتكاليف هذه الأدوية التي لا يقل سعر العديد منها عن10 آلاف دج... هم مرضى داء السرطان، الذين وجهوا للسلطات المعنية نداء للتخفيف من معاناتهم... بحيث كشفوا ل"النهار" أن العلاج المجاني ببلادنا قد ولى عهده. هي جولة قادتنا، أمس، إلى مستشفى مصطفى باشا الجامعي وبالضبط إلى المركز الوطني لمعالجة السرطان "بيار ماري كيري" للاطلاع على أحوال المرضى هناك، خاصة بعدما وصلتنا معلومات تؤكد أن "الدواء الخاص بمرضى داء السرطان غير متوفر إن لم نقل بأنه منعدم تماما... ولدى وصولنا إلى المركز في حدود الساعة 12.00 زوالا، حاولنا حينها التقرب من بعض الممرضين والأطباء من دون أن نكشف عن هويتنا كصحفيين -لأن موعد زيارة المرضى ينطلق على الساعة الواحدة زوالا وإلى غاية الساعة الثالثة - لسؤالهم عن الأدوية المفقودة بالمركز، فكانت إجابتهم أنها كلها غير متوفرة بالمستشفى والمريض هو الذي يدفع فاتورة الوصفة لوحده سواء كان مؤمنا أو غير مؤمن، مضيفين في السياق ذاته أن العديد من المرضى وأمام هذه الظروف القاسية التي تحيط بهم لا يجدون إلا الجمعيات الخيرية التي يلجأون إليها، علها تخفف عنهم معاناتهم التي تزداد يوما بعد يوم، غير أن هذه الجمعيات أصبحت اليوم عاجزة عن التكفل بالحشد الكبير من المرضى الذين يقصدونها يوميا. العلاج المجاني انتهى ببلادنا... ونحن المرضى من ندفع الثمن غاليا فضلنا التوجه إلى جراحة النساء والتقرب منهن... دخلنا إحدى الغرف بالطابق الثاني الذي كان يعج بحركة كبيرة للزوار الذين قدموا من مختلف أنحاء الوطن فكان يبدو عليهم التعب والقلق على مرضاهم... حين التقينا بالسيدة فتيحة بلكحل وهي أخت للمريضة التي كانت ملقاة على السرير وتبدو في حالة غيبوبة تامة، بحيث أكدت لنا بأن أختها تعاني من مرض "سرطان القولون" وهي متواجدة بالمستشفى منذ أكثر من شهر لإجراء عملية جراحية... في الوقت الذي أكدت لنا أن المركز يمنحهم "الوصفة" من دون "أدوية"، وهذا ما يجبرنا للبحث عنها خارج المركز واقتنائها بأسعار باهضة... لتضيف قائلة: "ما نطلبه من السلطات المعنية أن تلتفت إلى هذه الشريحة من المرضى على الأقل توفير الدواء لهم بأثمان معقولة... لأن الشفاء يبقى بيد الله وحده". من جهتها أكدت لنا سامية فلاح وهي تعاني من "القولون" أيضا أنها منذ دخولها المستشفى لم تتلق أي دواء مجانا وهي مجبرة على دفع 450 دج يوميا لشراء الحقن التي تخفف عنها الآلام والأوجاع. فاطمة وأخوها محمد... معاناة مع مرض الكولسترول... الفقر وانعدام الدواء غادرنا الطابق الثاني لنتوجه مباشرة إلى الطابق الثالث لندخل إحدى الغرف بعدما لفتت انتباهنا طفلة صغيرة مستلقاة على سريرها وهي تطالع جريدة لعلها تخفف عن آلامها وأوجاعها التي سكنت جسدها منذ وهي في سن الخامسة وفي السرير الذي بجنبها طفل صغير... ولما تقربنا منها أكدت لنا أنها تبلغ من العمر 15 سنة وأخوها 13 سنة وهما يصارعان المرض منذ عدة سنين... مضيفة أنها دخلت المستشفى رفقة أخيها الأسبوع الماضي وقد اضطرت إلى التنقل من منطقة قصر البخاري إلى العاصمة للعلاج، لأن المستشفى الكائن بولايتها قد عجز عن التكفل بحالتها وحالة أخيها... وأن والدها عاجز عن شراء الأدوية الخاصة بهما لغلاء ثمنه... في الوقت الذي كشفت لنا أنها منذ دخولها المركز لم تتلق أي دواء... هذه حالة فاطمة وأخوها محمد من بين العشرات والآلاف من الحالات التي تدخل المركز الوطني لمعالجة السرطان يوميا. الصيادلة يؤكدون... بعض الأدوية باهظة الثمن ومفقودة... ومرضانا يصارعون الموت غادرنا المستشفى لنقوم بعد ذلك بجولة إلى بعض الصيدليات بالعاصمة حيث أكد لنا أحد الصيادلة أن الأدوية المخصصة لمرضى داء السرطان تعرف ندرة كبيرة منذ عدة سنوات، لكن ندرتها قد اشتدت في الآونة الأخيرة إلى درجة أن اقتنائها أصبح من المستحيلات نظرا لارتفاع ثمنها وكذا لانعدامها بمستشفياتنا... مشيرا إلى أن أهم الأدوية المفقودة بالأسواق على المستوى الوطني هو دواء "تامجيزاك" الذي يوصف لمريض داء السرطان كحقنة أو كحبوب للتخفيف عن الآلام الحادة والذي يصل ثمنه إلى 1100 دج، وكذا دواء "زولاديكس" الذي هو عبارة عن هرمونات تحقن للمصابين بسرطان الثدي يقدر ب19 ألف دينار. علما أن المريض في حاجة إلى هذا الدواء مرة في كل 28 يوما ولمدة سنتين من العلاج، إلى جانب دواء "فيمارا" الذي يقدر ثمنه ب 18 ألف دج، ونفس الشيء بالنسبة لدواء "ديكاببتيل" الذي لا يقل ثمنه عن 13 ألف دج. في الوقت الذي أشار صيدلي آخر أن العديد من المرضى يمتنعون عن شراء هذه الأدوية لغلاء ثمنها ليظلوا يصارعون الموت لوحدهم. ماذا عن خلية التكفل "بتوفير الأدوية" لمرضى السرطان ؟ هذا وتساءل الصيادلة الذين التقتهم "النهار" أمس عن مصير "الخلية الخاصة" التي أنشأتها وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات على مستوى الصيدلية المركزية لتتكفل بتوفير الأدوية التي يصفها الأطباء للمرضى وغير المتوفرة بالجزائر، غير أن ذلك غير مطروح في الواقع، مشددين في السياق ذاته أن المريض هو الذي يتحمل لوحده تكلفة هذه الأدوية سواء كان مؤمنا أو غير مؤمن.