المبادرة العربية رغم أهدافها الإنسانية إلا أنها تنسجم مع عزل دمشق الدور التركي انكشف عبر تنفيذ الرغبات الغربية يقف الأمين العام لمركز الدراسات الأوروبي العربي بباريس، الدكتور مصطفى موفق، في هذا الحوار مع ''الخبر''، عند التطورات التي تشهدها سوريا، وتأثيرات الأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية. هل ترون بأن القيادة السورية كانت مجبرة على قبول المبادرة العربية أم أنها كانت خيارا لحقن الدماء؟ منذ بداية الأحداث، كانت القيادة السورية مقتنعة بأن جزءاً من المطالب الشعبية تمثل حقاً مشروعاً وكانت ناشئة عن كثير من الأخطاء المتراكمة، سواء على صعيد الدولة أو على صعيد الحزب، وهذا ما تكرر التعبير عنه في مختلف خطابات الرئيس السوري. ولكن تسارع الأحداث والتوترات في العديد من البؤر التحريضية واشتعال أعمال العنف ضد عناصر الأمن، أدى إلى التدخل العسكري بغية حماية السلم المدني. ورغم المحاولات المتكررة للتهدئة مع دخول عناصر التحريض الإعلامي الخارجي، لم تستطع السلطة إعادة الهدوء إلى مناطق التوتر، في ظل بروز العناصر المسلحة التي زادت من أعمال الانتقام والقتل إلى جانب مناداة المعارضين في الخارج بالتدخل الخارجي، مع ما سيحدثه من تدمير وتخريب سيعم سوريا والمنطقة بكاملها. ويبدو أن القرار قد تم اتخاذه في الدوائر الغربية والإسرائيلية، بتأجيج الصراعات في المنطقة العربية للوصول إلى صياغة جديدة لخريطة المنطقة تلبي الأهداف الجيو سياسية للغرب المتلائمة مع الإستراتيجية الإسرائيلية. والمبادرة العربية مع ما تحويه في ظاهرها من أهداف إنسانية، لم تعد كونها انسجاما مع مصالح خاصة لبعض الدول العربية بغية عزل سوريا. ومن هنا كان القبول السوري خياراً إستراتيجياً أيضاً لحقن دماء السوريين ولتفويت الفرصة على المخططات الخارجية، وربما التوصل إلى المساعدة في لجم العنف. ولكن المشكلة أن كل الأطراف دخلت في نفق مأزق اللاّحل. فالمعارضة ليست متجانسة ولا تمثل إلا مجموعات وأطيافا متباعدة الأهداف في الداخل والخارج، فمع من سيتم الحوار للوصول إلى دولة ديمقراطية؟ هل ترون بأن النظام السوري الحالي يمكن له البقاء بعد كل هذه الدماء التي سالت؟ من سيحدد بقاء النظام أو ذهابه ليست المظاهرات التي تنزل إلى الشوارع، وهي حالة خاصة غير معبرة. فالمدن الكبرى قد أبدت تأييدها للنظام، إذا أخذنا بعين الاعتبار أعداد المتظاهرين. ولكن الضخ الإعلامي الهائل والموجه ضد النظام، ومن خلال المشاهد المفبركة، أظهر أن المنادين بإسقاط النظام يمثلون الأكثرية. وإذا قبل المعارضون بالحوار مع النظام والذهاب إلى صناديق الاقتراع، فهذا هو الطريق الوحيد للوصول إلى الحقيقة. خلاصة القول إن هنالك أطرافا عديدة تحاول إفشال المبادرة العربية، سواء من بعض دول الجامعة العربية أو دول غربية عديدة وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تعتبر سوريا عقبة في وجه مخططاتها في المنطقة هل كان وضع القيادة السورية ليكون أحسن لو لم تقابل المظاهرات بالقبضة الأمنية؟ المظاهرات في بدايتها لم تتعرض لأي تدخل أمني، ولكن بعد تفاقم التدخلات الخارجية مع التصعيد العنفي وطرح الشعارات التكفيرية والطائفية وبروز التوترات والقيام بأعمال عنف دموية في عدة مناطق، في الجنوب والوسط والشمال الغربي، مع اعتداءات قتل وتمثيل بالجثث، اضطرت السلطة مكرهة لاستخدام قبضتها الأمنية لحماية المدنيين من عمليات الخطف وتدمير الممتلكات العامة والخاصة. ومن المؤكد أن الحوار هو الطريق الأمثل لتجنيب البلاد سفك الدماء. متابعون يتحدثون عن دور تركي لإسقاط النظام السوري بهدف الاستفراد بالمنطقة، ما قولكم؟ كل دولة تحاول تأمين مصالحها، وتركيا لا تشذ عن هذه القاعدة، فهي محكومة بحزب إسلامي يتعامل بتوافق مع جماعة الإخوان المسلمين ويحاول تسهيل انخراطهم في الحياة السياسية السورية بشتى الوسائل، حتى ولو قاد عملية لإسقاط النظام السوري. وهذا ما بينه السلوك التركي الذي خرج عن سياسة حسن الجوار وتبنى سياسة عدائية تجاه سوريا عبر احتضانه لكل المعارضين في الخارج، وهو يستعد اليوم للعمل على تشجيع التدخل العسكري الخارجي. وهذا السلوك يصطدم بموقف إيراني رافض إلى جانب موقف روسي وصيني رافض أيضاً، وبشدة، للتدخلات الغربية ضد سوريا. ومع الأسف، انكشف الدور التركي المنفذ للرغبات الغربية بغض النظر عن المصالح الحقيقية للشعب التركي. أي سيناريو تتوقعونه لنهاية الملف السوري؟ خلاصة القول إن هنالك أطرافا عديدة تحاول إفشال المبادرة العربية، سواء من بعض دول الجامعة العربية أو دول غربية عديدة وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تعتبر سوريا عقبة في وجه مخططاتها في المنطقة. ومن جانب آخر، هناك مأزق عدم وضوح المبادرة وآليات تنفيذها، مع عدم القدرة على تحديد المعارضين الذين اتخذوا مواقف متعارضة، فمنهم من يرفض المبادرة ولا يقبل إلا بإسقاط النظام، ومنهم من يقبل بالحوار ضمن شروط أولها سحب القوى الأمنية، ولكن من يضمن توقف المعارضين عن استخدام السلاح ووقف أعمال العنف؟ أسئلة كثيرة يمكن أن تطرح قبل وضوح المشهد وقبل الوصول إلى حافة حرب ستعم المنطقة بكاملها ولن تنجو منها لا تركيا ولا إسرائيل. .