578 حالة جديدة ومؤكدة في التسعة أشهر الأولى من السنة الحالية أشار عادل زدام، ممثل برنامج الأممالمتحدة المشترك لمكافحة السيدا بالجزائر، أنه في الوقت الذي أكدت نتائج تقرير منظمة الأممالمتحدة لداء السيدا تراجع عدد المصابين به عبر مختلف دول العالم، تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وفي مقدمتها الجزائر ارتفاعا ملحوظا لعدد الإصابات، حيث ''نسجل سنويا أكثر من 800 حالة مؤكدة حسب التقارير الرسمية''. فاق عدد المصابين بالسيدا عبر مختلف دول العالم ال40 مليون مصاب، وفي الوقت الذي سعت عديد الدول المتقدمة إلى وضع استراتيجيات محكمة لكبح الانتشار الواسع لهذا الداء الفتاك، لا زالت دول أخرى تشهد ارتفاعا ملحوظا من سنة لأخرى في عدد المصابين. وتؤكد آخر إحصائيات منظمة الصحة العالمية أن 90 بالمائة من المرضى متواجدون بدول العالم الثالث. وفي أحدث تقرير لبرنامج منظمة الأممالمتحدة المشترك لمكافحة السيدا، يقول ممثل ذات البرنامج بالجزائر عادل زدام إن نتائج هذا التقرير تشير إلى استفحال الداء بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في حين تراجعت فيه نسب المصابين عبر مختلف دول العالم وقارة إفريقيا على وجه الخصوص. وعن السيدا في الجزائر، يشير زدام إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الإصابات. مشيرا إلى تسجيل 578 حالة مؤكدة على مستوى الوطن خلال ال09 أشهر الأولى لسنة 2011، وهو ما يعني، حسبه، تسجيل 800 حالة جديدة سنويا، ليؤكد أن الرقم لا يمثل واقع الداء بالجزائر لأن العدد الحقيقي للمرضى والمسجل سنويا أكبر بكثير. أما عن المناطق التي تشهد ارتفاع ملحوظا للإصابات على حساب مناطق أخرى، أضاف زدام أن الجزائر العاصمة تحتل الصدارة ب1700 حالة مؤكدة، منها 118حالة والبقية ممثلة في حاملي الفيروس، تليها ولاية تيارت في المرتبة الثانية ب 500 حالة مؤكدة، ثم وهران ب 330 حالة مؤكدة، رغم أن الأطباء بوهران يؤكدون وجود عدد أكبر من المصرّح به. من جهتها، تسجل ولاية سيدي بلعباس أكثر من 300 حالة مؤكدة، وقسنطينة ب120 حالة فعنابة ب41 حالة. وعن هذا التباين الملحوظ بين مناطق وسط، غرب وشرق الوطن، أضاف زدام أن علامة استفهام كبرى تبقى مطروحة حول ارتفاع النسبة بمنطقة دون أخرى. مشيرا أن مصادر كثيرة أكدت عدم تلقي مرضى منطقة الشرق الجزائري لعلاجهم بالمدن التي يقيمون فيها ويفضلون الانتقال إلى الجزائر العاصمة للعلاج. أما عن عدد الإصابات في أوساط الأطفال، فيشير ممثل برنامج الأممالمتحدة المشترك لمكافحة السيدا بالجزائر إلى أن حوالي 500 طفل يحمل الفيروس في أجسامهم الصغيرة، من بينهم أكثر من 200 طفل يخضعون للعلاج بوهران، ليؤكد في الأخير أن السعي لتخفيض نسبة المصابين لن تكون إلا بإعادة تفعيل تطبيق الإستراتيجية الوطنية الخاصة بمكافحة الداء ومن أولوياتها - حسبه - تشجيع وترقية الكشف المبكر، مع إشراك كافة الدوائر الحكومية المعنية بالأمر وعلى رأسها وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات. ص. ب
دخلت لاستئصال الزائدة الدودية وخرجت ب ''السيدا'' حياة.. أصيبت بالداء بعد حقنها بدم ملوث
''حياة''، هو الاسم الذي اختارت محدثتنا أن تحمله لمخاطبة قراء ''الخبر''، عوض اسمها الحقيقي..اسم يرمز للحياة الآمنة التي طالما حلمت بها وسط مجتمع ''لا يرحم'' حسب وصفها. تبلغ حياة ثلاثين عاما، جميلة جمالا أخاذا وبريق عينيها الواسعتين العسليتين يأسر القلوب ويخطف الأنظار. ومع ذلك، فإن مسحة الحزن الشديد التي تغلّف وجهها الشديد البياض.. وتحاول جاهدة التخلص منها بابتسامة باهتة، تقذف بك في بحر من التساؤل والشفقة والتعاطف اللامحدود معها. لم أشأ الخوض في تفاصيل حياتها.. وترددت كثيرا في بدء الحديث معها، لكنها كانت أكثر جرأة مني، وبادرتني هي بالسؤال والجواب، وكأنها شعرت بنبض قلبي الذي شل القلم في يدي. وعلى الرغم من تلعثم كلامها تارة وحيرتها تارة أخرى مما حصل ويحصل لها، لكن سرعان ما زالت الحواجز النفسية بيننا.. وانطلقت ''حياة'' في سرد حكايتها والبوح بمكنونات قلبها الكبير. البداية..استئصال زائدة دودية رجعت ''حياة'' إلى سنوات مضت من عمرها وتحديدا إلى بداية الثمانينات، أين اكتشفت بعد إجرائها لعملية جراحية أنها حاملة لفيروس السيدا.. لم تصدّق حينها ما أكده لها طبيب مدينتها الواقعة بشرق البلاد، مفضلة الانتقال إلى الجزائر العاصمة قاصدة مستشفى ''القطّار'' الذي خضعت فيه لتحاليل دقيقة أكدت إصابتها بالداء. ورغم أنها لم تعرف مصدر العدوى إلا أنها أرجعته إلى كميات الدم التي حقنت بها خلال تلك العملية التي لم تكن سوى استئصال للزائدة الدودية، وانهارت الفتاة التي كانت في بداية سنوات عقدها الثاني لتقرر الانعزال عن العالم الخارجي وتتوقف عن دراستها الجامعية التي كانت تشرف على الانتهاء منها آنذاك، رافضة حتى أن تتلقى علاجها. لكن مؤازرة أسرتها الصغيرة لها والممثلة في أبويها وإخوتها بعث فيها بصيص من الأمل في الاستمرار في الحياة، لتقرر الاستسلام للأمر الواقع، والشروع في الخضوع للعلاج الثلاثي الممثل في أدوية مركّزة تُؤخذ يوميا في أوقات محددة وتصل إلى 15 قرصا. كان علاجا قاسيا، دأبت ''حياة'' على اتباعه على مدى عام كامل، لتقرر بعدها التخلي عنه دون إخطار الطبيب إثر انهيار معنوياتها، حيث دامت مدة رفضها له سنة كاملة قالت عنها حياة ''إنها كانت سنة يأس، انعدم لديّ على مدى أشهرها الشعور بأدنى معنى للحياة لأنني لم أكن منذ البداية متقبلة للمرض''. وتضيف حياة: ''كنت أعتبر توقفي عن العلاج طيلة تلك المدة انتقاما من نفسي منتظرة الموت بين لحظة وأخرى''، لكنني تفاجأت بعدم ظهور أية مضاعفات ثانوية للداء، بل شعرت أنني في صحة جيدة ولم أعد أشكو من حالة الغثيان الدائم التي يتسبب فيها كل مرة الدواء الذي كنت أتعاطاه، لكن بعد سنة من توقيفي للعلاج أصبت بداء السل وكان ذلك بعد نوبة برد حادة، رجعت إلى مستشفى القطّار.. ليكتشف الطبيب توقفي عن العلاج، وهنالك مكثت مدة شهرين خضعت خلالها لعلاج مكثف ضد السل لأسترجع بعد ذلك علاجي الثلاثي المضاد للسيدا والذي أواظب عليه لغاية اليوم''. زواج لم يعمّر طويلا محطة أخرى في حياة هذه الفتاة لم ترد التكلم عنها إلا بعد إلحاح. ويتعلق الأمر بحياتها الخاصة وعلاقة الزواج التي ربطتها في وقت ما بشخص ربطتها به قصة عاطفية جياشة... فقد شاءت الأقدار أن تعرف حياة بمرضها الخبيث أشهرا قليلة قبل موعد زفافها. ورغم ذلك أصرّ زوجها الذي كان متمسكا بها على إتمام الزواج رغم رفضها لذلك، حيث وعدها بكتمان الخبر وعدم إخبار أهله الذين اتخذوا فيما بعد من قضية عدم الإنجاب وسيلة ضغطوا بها على ابنهم، لتختار حياة الانسحاب من حياه زوجها بعد سنتين من الارتباط بمحض إرادتها، بعدما علمت أن شقيق زوجها الطبيب تمكّن من اكتشاف طبيعة مرضها من خلال تعرّفه على نوعية الأدوية التي تتناولها. هذا من جهة، ومن جهة أخرى كانت حياة ترفض أن تحرم زوجها من الأطفال، لأنها كانت ترفض خوض غمار تجربة لم تكن متأكدة من نتائجها، معتبرة ذلك مغامرة حقيقية، رغم ثبوت إمكانية إنجاب المرأة الحاملة لفيروس السيدا لأطفال أصحاء.
مريض السيدا مرفوض اجتماعيا أكد بوروبي عثمان، رئيس جمعية ''إيدز الجزائر'' أن الرقم الحقيقي لمرضى السيدا بالجزائر يقدّر بحوالي 19 ألف مصاب حسب تقديرات منظمة الأممالمتحدة للسيدا ومنظمة الصحة العالمية. مشيرا إلى أن الأرقام الرسمية بعيدة جدا عن الواقع. يتزامن تاريخ الأول من ديسمبر من كل سنة مع اليوم العالمي لداء السيدا الذي لا تزال الطابوهات تتحكم في مصير المصابين به بالجزائر. وعن هذه المسألة يقول بوروبي ''إن الإقصاء والتهميش الذي تعامل بهما فئات المرضى لا زال يمثل النقطة السوداء التي يعملوا على القضاء عليها ومحاربتها''. مضيفا أن ''استراتيجية التشخيص فشلت في الجزائر ويجب إعادة النظر فيها''. وأضاف بوروبي أنه ''بالإمكان أن نقول أننا توصلنا إلى سياسة وقاية حقيقية ضد داء السيدا، حينما يصبح بإمكان الكل أن يتوجه لتشخيص الداء دون أدنى حياء''. وعن عدد المصابين بالداء في الجزائر أوضح بوروبي أن إحصائيات الفترة الممتدة بين 1984 وسبتمبر 2011 تشير إلى تسجيل 6617 شخص معني بالداء، بين حاملي الفيروس وعددهم 5383، إلى جانب 1234 مصاب بالداء. حسب محدثنا هذه الأرقام، رسمية، لكنها بعيدة جدا عن الواقع لأن تقديرات المنظمة العالمية للصحة ومنظمة الأممالمتحدة للسيدا تؤكد إصابة 19 ألف جزائري بالداء، أي ما يعادل نسبة 1,0 في المائة من السكان. من جهتها، تؤكد السيدة لحول، رئيسة جمعية ''الحياة'' لمساعدة مرضى السيدا، أن نسبة النساء المصابات بالمرض بالجزائر مرتفع مقارنة بعدد الرجال. مشيرة إلى أن معظم الإصابات عند المرأة سببها العلاقات الجنسية. وتدعو لحول إلى اتخاذ طريق الوقاية من هذا المرض، من خلال التشخيص المبكر موضحة بأن تحفيز المواطنين للإقبال على ذلك يبدأ بتغيير سياسة الاتصال المعتمدة حاليا، وبعدم تخويفهم أو ترهيبهم من هذا الداء الذي يعتبر ''غول'' لدى الغالبية، وباعتباره مرض كغيره من الأمراض التي يجب تشخيصها في وقت مبكر وتقديم العلاج المناسب لها في حينه.
مناطق الجنوب بؤرة للإصابة بالداء حسب الدكتور سيف الدين لونيس من مصلحة الاستعجالات والوحدة المتنقلة لمستشفى ابن باديس الجامعي بقسنطينة، فإن الأرقام المنشورة حول السيدا في الجزائر لا تكشف الواقع، كون أغلب المرضى لا يصرحون بحالتهم ولا يتقدمون للكشف لدى المراكز المتخصصة.. خاصة وأن 9 على 10 من المصابين يجهلون إصابتهم. وقال لونيس الذي كان يتحدث في لقاء علمي عقد أمس بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، إن الإحصائيات العالمية تؤكد إصابة 14 ألف شخص بهذا الداء يوميا بمعدل شخص كل 5 ثوان، مما جعل عدد المصابين يصل إلى 4, 33 مليون شخص منهم 52 بالمائة نساء و95 بالمائة منهم من سكان البلدان النامية. بعض المشاركين في اللقاء، أكدوا أن هذه الإصابات في الجزائر رغم أنه بلد محافظ تأتي لعدة عوامل من بينها المغتربون الذين قد يحملون هذا الفيروس معهم من بلدان الهجرة، كما أن مناطق الجنوب الجزائري تعتبر المصدر الأول لهذا الداء لانتشار ظاهرة الدعارة فيها ولوجود العديد من أبناء الشمال العاملين في الصحراء بعيدا عن أهاليهم وذويهم، مما يدفعهم في بعض الأحيان إلى إقامة علاقات غير شرعية مع أجنبيات تؤدي بهم إلى ما لا يحمد عقباه.