على مدى سنوات من القهر والقمع العربي، أصبح بالإمكان أن نطلق على بعض الناس لقب أصحاب شخصية ''اللبن الأسود''. وهؤلاء إذا قال النظام لهم إن اللبن أسود وافقوا فورا، وإذا وجد من يعترض منهم فسوف يقول لك: ''أسود ولكن فاتح بعض الشيء''. وتتواجد هذه الشخصية غالبا في مواقع حساسة أو هي الحاشية والبطانة للزعماء، وميزة هذه الشخصية أنها طائعة وقانعة، ولا ''تعل قلب'' المسؤول، ولا تصدع له رأسه، وهي مثل القطار تسير باتجاه واحد. أصحاب شخصية ''اللبن الأسود''، هم أحد أسباب خراب أنظمة الحكم، سواء أكانت هذه الشخصية من الحاشية المقربة أو من العامة، لأنهم يُطلعون الزعماء على الجانب الذي تشرق منه الشمس فقط، ويخفون عنهم الجهة التي تؤول منها شمس الحقيقة إلى الزوال.. المفارقة أن أصحاب هذه الشخصيات، هم الذين يكسبون حتى بعد زوال النظام، فقد يدفع الزعماء الثمن، بطريقة أو بأخرى، بينما يبقى هؤلاء في مناصبهم، أو حتى إذا أبعدوا عنها، لديهم مزارعهم التي يقضون فيها ما تبقى لهم من حياة. وهؤلاء أيضا هم أول الناس الذين يغلقون موبايلاتهم في وجه الزعيم المخلوع، ويطنشونه عند أول إقلاع للطائرة التي تحمله أو للزنزانة التي تأويه. [email protected]