إذا كان ثمة من سوف يقضي على الأنظمة العربية، فهي الأحزاب التي تمثل هذه الأنظمة في الحكم. إن معظم المتحزبين في عالمنا العربي هم أناس لم يستطيعوا أن يجدوا أفكارهم بأنفسهم فتطفلوا على أفكار جاهزة، ولأن هذه الأفكار أصلا لا تحكم بل الذي يحكم هو الجشع السياسي ل''فئة الظل''، فإن هؤلاء الأعضاء يتحولون إلى مهربين وسماسرة معاملات ومقاولين. بعض الأحزاب العربية ليست كما تدّعي بأنها مؤسسات مدنية، فهي في الدول القمعية تتحول إلى فروع أمنية مصغرة، على الأقل في ترهيب الناس، وتتحول الشعارات التي يقوم عليها الحزب إلى أدوات وصولية للانتهازيين لتحقيق المكاسب الخاصة. الأحزاب العربية، تسلب أعضاءها شخصياتهم، وتُدجنهم وتجعلهم لونا واحدا وحجما ذهنيا واحدا كأنهم ''كتاكيت مفرخة آلية''، يتماثلون في تفكيرهم هذا إن سمح لهم بالتفكير أصلا. هذه الأحزاب تمارس أيضا دور كتابة التقارير الأمنية بالناس، ولا يسلم منها حتى الأعضاء أنفسهم، على مبدأ: ''علي وعلى أعضائي''، ولذلك لا تمارس هذه الأحزاب أي دور تنموي، بل على العكس تتسبب في عرقلة حركة تطور البلاد، وتقف عائقا في وجه التحديث المدني، وتهجير الكفاءات، وذلك من خلال تكريسها لنمطية وعقلية ''الواحد''.. الحزب الواحد الزعيم الواحد.. ولا شيء قابل للتعدد سوى الزوجات. [email protected]