استؤنفت، سهرة أول أمس، بقاعة دار الثقافة عبد القادر علولة، بتلمسان، العروض الشرفية للأفلام الوثائقية المنتجة في إطار تظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011''، لتكون أول محطة عرض الوثائقي ''نداء الإمزاد'' للمخرج مجيد سلامنة. يتناول ''نداء الإمزاد''، على مدار ساعة وعشرين دقيقة، أحد الطبوع الغنائية بأقصى الجنوب الشرقي للجزائر، وعلى بعد 2400 كلم من مدينة الجزائر العاصمة، أين تتوضع قمم الأهقار والطاسيلي، وحيث حافظ سكان المنطقة من التوارف عبر القرون المتعاقبة على رقصاتهم وأشعارهم وغنائهم، الذي يعتبر تراثا إنسانيا وعالميا. ومن بين هذه الطبوع موسيقى ''الإمزاد'' التي تعتبر إحدى الروائع التراثية غير المادية والمعرضة للاندثار. وحسب شهادات الباحثين والمختصين، الذين استنطقهم العمل، مثل عالم الأنثروبولوجيا الدكتور ديدا بادي، فإن ''الإمزاد''، حسب الأسطورة، قد نشأ منذ عدة قرون خلت، بينما كانت قبيلتان من التوارف تتحاربان في عمق الصحراء، وبحلول الليل قامت امرأة ساخطة على الحرب، فاتجهت نحو شجرة وقطعت فرعا وصنعت منه آلة لعزف ''الإمزاد''، فانتشر لحنها الشجي في المكان، ولما سمع المقاتلون اللحن ألقوا سيوفهم، وتوجهوا نحوها، ومنذ ذلك اليوم ترسخ نداء ''الإمزاد'' لدى قبائل التوارف، وأصبح من بين أهم عاداتهم الغنائية وحتى الاجتماعية إلى اليوم. وأشار الباحث ديدا بادي في شهادته إلى أن المرأة مخلوق مقدس عند التوارف، والتعبير عن الحب بين المرأة والرجل يتم دون ابتذال، فالنظرات والصمت هي وحدها لغة الحب عند التوارف. المخرج مجيد سلامنة وإن حاول التركيز على موضوع العمل، المتمثل في لحن وغناء الإمزاد، إلا أنه وجد نفسه مضطرا إلى تصوير حياة التوارف في الصحراء، والتطرق إلى عاداتهم وطبوعهم الغنائية الأخرى، مثل التيندي، وقوافل السفر، ومدى قدسيتها أيضا في حياة الرجل الأزرق. أما ثاني عمل وثائقي، عرض شرفيا، أمس، فحمل عنوان ''رقصة الصف''، للاحتفاء بالكلمة والموسيقى التراثية، من إخراج العربي لكحل، وتناول رقصة الصف الشعبية بمنطقة وادي الساورة بولاية بشار، حيث صوّر العمل بمناطق تندوف وبشار، وسط ديكور صحراوي. فيما سيكون العرض الشرفي الأخير، اليوم، مخصصا للفيلم الوثائقي ''أزلوان''، من تأليف عبد الله نوح، وإخراج عبد الوهاب صايفي، وهو سنيمائي وثائقي خيالي، يصور على مدار ساعة وخمسة دقائق، التراث العريق الذي تشتهر به منطقة وقصور وادي ميزاب، في غرداية، جنوبالجزائر.