في العام السابع الهجري، أصبح للمسلمين الحق في دخول مكة للعمرة حسب اتفاقهم مع قريش في العام السابق، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعه ألفان من المسلمين ودخلوا مكة حاملين سيوفهم، وأخذوا يطوفون حول الكعبة في عزٍّ وقوّة، حتّى قال أهل مكة من الكفار، وهم ينظرون في دهشة إلى المسلمين وقوّتهم هؤلاء هم الّذين قلتم إن حُمَّى المدينة أضعفتهم! وقضى المسلمون عمرتهم ثمّ خرجوا من مكة بعد ثلاثة أيّام احترامًا للاتفاق الّذي عقدوه في صلح الحديبية مع كفار قريش، وسمّيت هذه العمرة بعمرة القضاء، لأنّ المشركين صدّوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عام الحديبية عن البيت الحرام، فكان مجيئه في العام التالي لقضاء ما فاته. وبينما الرّسول صلّى الله عليه وسلّم وحوله أصحابه عائدون، إذا بفتاة تخرج من مكة، تجري خلفهم وتنادي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قائلة يا عم، يا عم. إنّها ابنة حمزة سيّد الشهداء الّذي استشهد في أحد، فأخذها عليّ بن أبي طالب، وسلّمها إلى السيدة فاطمة زوجته، وإذا بزيد بن حارثة وجعفر يتنافسان على أيُّهما أحق بكفالتها. فقال جعفر: ابنة عمّي وخالتها زوجتي. وقال عليّ: أنا أخذتها وهي بنت عمّي. وقال زيد: ابنة أخي، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد آخى بين زيد وحمزة. فحكم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بأن تكون مع جعفر وزوجته. وقال ''الخالة بمنزلة الأم''. وفي هذه العمرة تزوّج الرّسول صلّى الله عليه وسلّم من السيّدة ميمونة بنت الحارث الهلالية رضي الله عنه.