''النصير'' رفض الصعود لتقلّد ميدالية الكأس الأفروآسيوية بسبب عجاس رغم حجم فريقه العريق ذي المشوار الثري بالألقاب الوطنية والقارية والدولية، وكذا النجوم التي خرجت من رحم مدرسته منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، يبقى تاريخ وفاق سطيف، شأنه شأن الأندية الجزائرية، تشوبه بعض الشوائب التي لا تشرّف سمعة ''الكحلة والبيضاء''، في صورة بعض التصرّفات الصادرة من بعض اللاعبين خارج الوطن، تسبّبت في الحطّ من عظمة هذا الفريق، فاصطلح على تسميته ''عملاق بأرجل من طين''. لم أكن أتوقع يوما أن تحدث للوفاق الذي احتفل لاعبوه ومسيّروه وأنصاره الأوفياء عام 1963 بالذكرى الأولى لعيد الاستقلال، على وقع التتويج بأول كأس للجزائر على حساب ترجي مستغانم، مهزلة بملعب نادي السد القطري بالدوحة، في لقاء إياب كأس الأفروآسيوية عام 1989 ضد ممثل هذا البلد الخليجي.. مهزلة لازالت إلى حد الآن في غياهب الكتمان، رغم مرور 23 سنة عليها، وأبقى شاهدا عليها لأنني كنت حاضرا في الموقعة، ممثّلا لصحيفة ''المساء'' الجزائرية رفقة عز الدين ميهوبي، إضافة إلى الوفد السطايفي، حيث أثبتت إدارة الفريق، حينها، هشاشتها إزاء ما بدر من نجم كبير من حجم نور الدين عجيسة، مهندس هجمات الفريق وصاحب الكرات الدقيقة التي كانت سببا في الترويح على نفوس أبناء عين الفوارة، إلى درجة إجماع عشاق الكرة المستديرة في بلادنا على أنه فوّت على نفسه مشوارا كان يعد بالكثير. هيبة الوفاق ذهبت مع رحيل الشيخ لعريبي رحمه الله بعد تألق ''نسور'' الوفاق بقيادة سرّار، زرقان، عصماني، رحموني والآخرين، في لقاء الذهاب الذي احتضنه ملعب 17 جوان بقسنطينة (حملاوي حاليا)، والذي انتهى بفوز ممثل الجزائر بنتيجة هدفين لصفر، ترقّب الجميع أن تكون مباراة الإياب شكلية لأشبال المدرب الحاج نور الدين، والعودة، لا محالة، باللقب الوحيد إلى خزائن الأندية الجزائرية، نظرا لقوة التشكيلة التي بنى قواعدها المرحوم لعريبي، وكذا تواضع تشكيلة المنافس. غير أن ''النصير''، مثلما كان يحلو لأنصار الوفاق تسمية عجيسة، أفسد العرس لحظة توزيع الميداليات، وكان دخوله في ملاسنات وشجار لفظي مع زميله عجاس، قبل ربع ساعة من نهاية اللقاء وكانت النتيجة حينها ثلاثة أهداف لصفر لصالح رفاق القائد عبد الرزاق رحماني، تمهيدا لتشويه صورة ''النسر الأسود'' في الخليج. وليت عجيسة فضّ النزاع عقب إعلان الحكم عن نهاية اللقاء، وكأن شيئا لم يحدث، لأن سوء التفاهم الذي وقع بين عجيسة وعجاس لم يثر انتباه لاعبي الفريق المضيف ولا مسيّريه، ولا حتى الصحافة الخليجية الحاضرة بالملعب، بل إن عجيسة لم يعرب عن فرحته بالتتويج، مثل بقية زملائه وأعضاء البعثة، ما أوحى لحظتها بأن شيئا سيحدث. ووقع ما زاد في ''التبهديل''، من خلال رفض صانع ألعاب الوفاق ومهندس التتويج بلقب كأس أندية إفريقيا البطلة، رابطة أبطال إفريقيا بتسميتها الحالية، وكذا لقب الكأس الأفروآسيوية، الصعود إلى منصة التتويج لتقلّد الميدالية الذهبية، بمعية أعضاء الوفد، من طرف أمير قطري. بسبب مزاجه الخاص ضيّع مشوارا كبيرا وأمام هذا المشهد، اقتنعت يقينا أن عجيسة راح ضحية مزاجه الخاص.. فكم من واحد ترجّاه للعدول عن قراره، إلا أن ''النصير'' أصرّ على التشبث بقراره.. ساعتها، تذكّرت صرامة المدرب الشيخ لعريبي في فرض الانضباط داخل المجموعة، للحفاظ على سمعة الوفاق وتمثيل الجزائر أحسن تمثيل في المنافسات القارية والإقليمية، وهو ما لم يقدر على فرضه آنذاك المدرب الحاج نور الدين، ومساعده بوزيد شنيتي.. ويا ليت الأمر اقتصر على هذا فقط، لأن القليل من المنظمين علموا برفض عجيسة الصعود إلى منصة التتويج، بل تعدّاه الأمر إلى أخطر من هذا، إذ بمجرد انتهاء مراسيم توزيع الميداليات ورفع الكأس الأفروآسيوية، حتى هبّ الصحافيون المعتمدون لتغطية هذا الحدث الكروي الكبير، وجلّهم من الخليج وقلّة قليلة من بلاد الشام، إلى التوجه نحو غرف تبديل الملابس لاستجواب لاعبي ومدربي الفريقين، خاصة منهم المتوّجين باللقب، لكنهم صدموا بمشهد لا يشرّف سمعة فريق بحجم الوفاق، ولا قيمة الكرة الجزائرية التي ذاع صيتها بعد ''ملحمة'' مونديال 1982 بإسبانيا، حيث وجدوا اللاعب عجيسة بزيّه الرياضي جالسا بالقرب من غرفة تغيير الملابس الخاصة بالوفاق، ينتظر عودة المسؤول الذي يحتفظ بالمفتاح، وفي فمه سيجارة، غير مبال ب''التبهديلة'' أمام الأجانب، ولا بمسيّري الفريق، وبالأخص مدربيه الحاج نور الدين وبوزيد شنيتي.