لم يكن محمد وصديقيه يعلمون أن رحلتهم ستنتهي في أروقة المحاكم، لإثبات براءتهم من جريمة يؤكدون بأنهم أبرياء منها وأنهم يجهلون خطورة نقل جوازات سفر لحرافة يوجدون خارج الوطن إلى أقارب أصحابها. تعود الوقائع، حسب الملف، إلى تاريخ 17 جوان 2010، حينما فتحت الشرطة تحقيقا بالمقاطعة الغربية للشرطة القضائية ضد ثلاثة أشخاص كانوا على متن سيارة من نوع ''رونو كليو''، وبحوزتهم 31 جواز سفر جزائري سارية المفعول لأشخاص جزائريين مقيمين بولاية الشلف وهواتف نقالة، على مستوى محول بن عكنون بالقرب من المعهد التقني للمالية والمحاسبة، حيث تم العثور على حقيبة بها جوازات السفر. وأكدت مصادر على صلة بالقضية، أن المتهمين كانوا يعملون في إطار شبكة منظمة ولم يتم التوصل بعد إلى رؤوسها بسبب تواجدهم خارج الوطن، وأن هدفها كان تشجيع الهجرة السرية نحو البلدان الأوروبية بعد الاتفاق مع الأشخاص الذين غادروا البلاد على إرسال جوازات سفرهم إلى الجزائر حتى لا تعرف جنسيتهم تفاديا لترحيلهم وتسليمها إلى ذويهم، مقابل مبالغ مالية لإعادة استرجاعها بمجرد تسوية وضعيتهم الإدارية في تلك الدول وكذا تسهيل عليهم تجديد جواز السفر في حالة انتهاء مدة صلاحيته. وحسب أقوال أحد المتهمين ويدعى ''ش.محمد''، فإن الجوازات تخص أشخاصا متواجدين خارج الوطن، وأن شخص يدعى ''يوسف'' من ولاية تلمسان هو من أحضرها له من أجل تسليمها إلى ذويهم. مؤكدا أنه في 16 جوان 2010، اتصل به هاتفيا شقيقه من أمه المدعو ''ب. حليم'' المتواجد بتركيا رفقة المدعو ''الحاج زيان''، مخبرا إياه أنه أرسل حقائب بداخلها ألبسة وأقمشة مع شخص يسمى ''يوسف'' دون أي توضيحات أخرى وطلبا منه استقباله بمطار هواري بومدين لاستلام تلك الحقائب، فاتفق هو مع المتهم الثاني نور الدين الذي يكون سائق أجرة لأجل أن يقلّه من ولاية الشلف إلى المطار الدولي مقابل مبلغ مالي، كما رافقهما في الطريق المتهم الثالث. وفعلا، تمت عملية استلام الحقائب مقابل مبلغ مليون سنتيم منحت للمتهم يوسف، الذي سافر إلى تلمسان بواسطة رحلة داخلية من مطار هواري بومدين، بينما تم توقيف المتهمين الآخرين في حي بن عكنون خلال مراقبة عادية. وقد أنكر المتهمون الثلاثة معرفتهم بأن الحقائب بها جوازات السفر، كما تم إيقاف المتهم يوسف بتلمسان بعد تمديد الاختصاص من طرف مصالح الأمن. المعني بالأمر أكد خلال تصريحاته، أنه في مطار اسطنبول التقى بالجزائري ''ب.ي'' المكنى ''حليم'' والذي يعرفه معرفة سطحية فطلب منه إيصال الحقائب مقابل مبلغ مالي 80 أورو، ''حوالي مليون سنتيم'' يتسلمها من شقيقه حينما يسلم الحقائب بمطار هواري بومدين، ولأنه كان بأمس الحاجة للأموال قبل عرضه دون تردد، ناكرا معرفته ما في داخل الحقيبة. وأفادت مصادر مطلعة أن المحكمة العليا ستفتح ملف القضية اليوم من أجل الفصل فيه.