دعا فضيلة الدكتور خالد مذكور المذكور، رئيس لجنة الفتوى ورئيس اللجنة العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في الكويت، في حوار مع ''الخبر''، رجال الإفتاء عبر الفضائيات (على الهواء مباشرة) إلى تحديد الموضوع وخطوطه الرئيسية، وبحثه بحثًا جيّدًا قبل الإجابة على أسئلة المستفتي، وذلك للحدّ من ''فوضى الفتاوى''. هل فتاوى الفضائيات تشكّل فوضى في حياة النّاس؟ وكيف السّبيل إلى معالجتها؟ نعم، هذا الموضوع عُقِدت له مؤتمرات في الكويت وجدة والقاهرة، نتيجة لهذه الفوضى، وسعي بعض القنوات للشُّهرة، فتأتي بالغث دون السمين وغير المتخصّصين، فيقولون بفتاوى ليست جيّدة أو ضعيفة أو شاذة للشّهرة وللرّدود عليهم في الإعلام والصحافة، وقد اشتهر الكثير منهم بهذه الطريقة. إلاّ أنّنا وضعنا قيودًا وشروطًا، منها أنّه لا مانع من فتاوى تنشر شرع الله سبحانه وتعالى، شرط أن تكون من متخصّص وعالم في هذا الأمر، وأن تكون الفتوى جماعية وليست فردية، فالفتوى الفردية نعاني منها كثيرًا. فإذا ذهب الإنسان إلى هيئة من هيئات الفتوى أو إلى مجمّع من مجامع الفقه الإسلامي أو إلى دور الإفتاء في بعض البلاد، هنا تكون الفتوى جماعية، والّذي يخرج على الفضائيات ينبغي عليه أن يذكر الأقوال كلّها ويُرجّح هو ما يراه، يقول هذا رأيي في المسائل الاجتهادية. وأنا لا أطلع على الهواء مباشرة للفتاوى الشّرعية، لأنّك لا تدري مَا الأسئلة الّتي ستطرح عليك في العقيدة، في العبادات، في المعاملات، أنا لستُ زِرًا يُضغَط فتظهر المعلومة، وإنّما أنا أطالب إذا ظهرتُ في الفضائيات مباشرة، بتحديد الموضوع وخطوطه الرئيسية، حتّى أبحثه بحثًا جيّدًا وأتمعّن فيه، ثمّ بعد ذلك إذا كانت هناك مداخلات على الهواء، لا بأس أن تُذاع مباشرة، وأن تكون هذه المداخلات في حدود الموضوع المدروس. وأنصح الّذين يفتون على الفضائيات مباشرة أن يكون هناك موضوع يُدرَس من جميع نواحيه، وأنّ الّذي يتدخّل للنقاش يقول نحن في هذا الموضوع إذا كان عندك موضوع آخر، لابدّ أن نطرحه في حلقة قادمة. وهذه من الضّوابط الّتي تمنع الفوضى. وكيف تقيّمون الفتاوى المباشرة على الهواء عبر الفضائيات؟ إن كانت من ذوي الاختصاص ومن أصحاب الخبرة، حتّى في الفتاوى الشّرعية هناك أناس متخصّصون، هناك في الاقتصاد الإسلامي، في التربية، في الاجتماع، في العبادات، في المعاملات، وهناك مَن هو متخصّص في أصول الفقه، في العقيدة، فقد لا يُحسِن الفتوى في هذا الأمر، فهذا مفسّر، محدّث له اختصاصه في الحديث وليس له اختصاص ضليع فيما يتعلّق بالفقه. لذلك، أرى أنّه إذا كانت الفتوى تتعلّق بالفقه الإسلامي والوقائع والنّوازل، فعليه أن يكون تخصّصه في الفقه والأصول ومقاصد الشّريعة، وأن يكون الموضوع محدّدًا. فالنّاس يسألون حتّى إمام المسجد، وقد يكون من الدعاة أو الوُعّاظ الذين يحسنون الوعظ والدعوة ونيّتهم طيّبة، لكنّهم لا يُحسنون الفقه ولا يحسنون ما تعلّق به، فقد يأخذه الحماس، وقد يأخذه من باب أنّه سُئل فأُحرِج فأفتى وقد يخطئ في ذلك. إذن، يجب على أيّ فضائية، وهذا يتوقّف على الفضائيات كما يتوقّف على الشّخص نفسه المدعو، وهذا من الضوابط الّتي وُضعت في الكثير من الملتقيات حول الفوضى في الفتوى. هل تتدخّل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في صلاحيات هيئة الفتوى؟ لا، قطاع الإفتاء التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لا يتدخّل فيه أحد، فلا الوزير ولا الوكيل ولا أيّ شخص آخر مسؤول في الوزارة، يتدخّل فيما يخرج من فتاوى من هيئة الفتوى. فهي هيئة مستقلة في قراراتها، وفي رأيها، وفيما يُعرَض عليها. وهل يجوز للعالم أن يكون صوتًا لحاكم ظالم يسفك دماء شعبه؟ هذا لا يجوز، فرسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يقول: ''كلمة حقّ عند سلطان جائز''، إذا كان يعرف الحاكم فينصحه ويُذَكِّره، لكنّه إذا أوغل في الدم وفي الدمار وفي الظلم وفي الطغيان، فيتبرّأ منه. أمّا ما يحدث في بعض البلاد، فهؤلاء يتابعون الحاكم من أجل أغراضهم المادية، وإلاّ فما سبب سكوتهم عن ظلمه وسفكه لدماء الشعب، بل تجدهم يدافعون عنه، فهؤلاء معهم في الظلم والطغيان.