تبحث مصالح المراقبة والتفتيش لبريد الجزائر في حالات قيام أعوان من المكاتب البريدية بعمليات مالية غير شرعية لفائدة محلات ومؤسسات خاصة تبيع منتوجاتها بالتقسيط مقابل حصول هؤلاء الأعوان على عمولات. وقد اتسع نطاق هذه العمليات ليشمل معظم المراكز البريدية في كل العاصمة ووهران وقسنطينة، وذلك على حساب وظيفتهم العمومية، وهي تمكين زبائن البريد من سحب رواتبهم. في الوقت الذي تشهد فيه المكاتب البريدية في عدد من ولايات الوطن طوابير طويلة لزبائن جاؤوا لسحب أموالهم، يتفرغ موظفون من نوع خاص لتسوية الوضعية المالية لأصحاب المحلات التجارية والمؤسسات الخاصة التي تبيع الأدوات الكهرومنزلية بالتقسيط، مقابل ''تحفيزات'' مالية مغرية دفعت بهؤلاء الموظفين للتسابق باتجاه أصحاب تلك المحلات للحصول على أكبر قدر من صكوك الزبائن، وذلك على حساب تأديتهم للخدمة العمومية في المكاتب البريدية. وقد وجد أصحاب المحلات التجارية في ولايات الجزائر وقسنطينة ووهران في موظفي البريد وسيلة مثلى لاسترجاع أموالهم من زبائن اشتروا بضائع بالتقسيط، والحصول عليها نقدا كما تسمح لهم هذه العملية بالتهرب من دفع الضرائب من جهة وتحصيل أموال الزبائن في أقل فترة ممكنة. والنتيجة -يقول قابض بريدي مطلع على هذه الحالات التي تقع يوميا في مكاتب البريد بالجزائر العاصمة، هو تعطل مصالح الزبائن، كما أنه ''لا يمكن محاسبة الموظف المتورط في مثل هذه الأعمال غير القانونية، والتي يعاقب عليها القانون، كونه بصدد القيام بعمليات مالية يجهل حتى القابض البريدي طبيعتها''. واعترف مسؤول بإدارة بريد الجزائر رفض الكشف عن اسمه، بوجود هذا النوع من الممارسات التي أضرت بسمعة البريد، وتسببت في خسارة خزينة المؤسسة الملايير كان سيتم تحصيلها من المحلات والمؤسسات التجارية التي تبيع المنتوجات بالتقسيط في حالة ما إذا أبرمت اتفاقية مع إدارة بريد الجزائر مقابل الحصول على رسوم تقدر 5 بالمائة من عملية تحويل أموال الزبائن إلى أرصدة تلك المحلات. وأضاف نفس المتحدث أن القانون لا يسمح لأصحاب المحلات التجارية والشركات التي تبيع بالتقسيط بالتعامل مع أعوان البريد دون إبرام اتفاقية مع المؤسسة، واعتبر حصول الأعوان على عمولات نظير تلك الخدمة رشوة يعاقب عليها القانون. وبرر المسؤول ببريد الجزائر لجوء أصحاب المحلات التي تبيع بالتقسيط التعامل مع الأعوان مباشرة لأسباب عديدة أولها تفادي دفع رسوم إلى إدارة بريد الجزائر، وثانيا عدم تمكينهم من الحصول على أموالهم نقدا ومنعهم من التحايل على دفع الجباية، وثالثا سحب أموالهم المسترجعة من الزبائن متى أرادوا ذلك، في حين أن الاتفاقية التي تقترحها إدارة البريد تفرض عليهم تحويل الأموال إلى أرصدتهم مرة واحدة في الشهر. وقد تعهدت إدارة بريد الجزائر باتخاذ إجراءات عقابية وصارمة في حق الأعوان الذين يتخلون على خدمة الزبائن مقابل تأدية خدمة شخصية، وهي تنتظر فقط تقرير مصالح المراقبة والتفتيش لإحالة هؤلاء على مجلس التأديب، وتسليط عقوبات صارمة عليهم تتراوح ما بين التوبيخ وتخفيض الرتبة أو الفصل النهائي من المؤسسة.