إنّ العبد إذا أخلص النية، وكان صادقًا، يبلغ درجة العاملين بنيته، بإذن الله، رحمة من الله بعباده المؤمنين. وعلى المؤمن أن يحرص على تصفية القلب من الرياء والشرك والعجب في كلّ حين، وعلى العزم على عبادة الله عزّ وجلّ، والتقرّب إليه بالقيام بما افترض عليه، من ذلك القيام بفريضة الحجّ الّذي هو ركن من أركان الإسلام. والحجّ واجب على الفور على مَن توفّرت فيه الشروط. والشّخص السائل رأى في نفسه توفّر الشروط، ونوى القيام بهذه الفريضة، لكن لم يتيسَّر له، فنسأل الله أن يكتب له الحجّ في العام القادم. وعليه وعلى من لم يذهبوا لأداء فريضة الحجّ أن يغتنموا الخير الّذي جعله الله عزّ وجلّ في الأيّام الأولى من ذي الحجّة، عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''ما من أيّام العمل الصّالح فيها أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من هذه الأيّام يعني أيّام العشر''، قالوا: يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله، قال: ''ولا الجهاد في سبيل الله، إلاّ رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء''، رواه البخاري والترمذي وابن ماجه وأبو داود. فهذا الحديث صريح في أنّ الأعمال الصّالحة في هذه العشر من أحبّ الأعمال إلى الله، وإنّها تفوق ثواب الجهاد في سبيل الله. والأعمال الصّالحة كثيرة، من ذلك: الصّوم، وهو أفضل الأعمال إلى الله عزّ وجلّ، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''كلّ عمل ابن آدم له، إلاّ الصّيام فهو لي وأنا أُجزي به، يترك طعامه وشرابه من أجلي.. والحسنة بعشر أمثالها''، أخرجه البخاري. ومن العشر يوم عرفة، وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجّة، وصيامه كفّارة لسنتين، ففي صحيح مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سُئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن صوم يوم عرفة فقال: ''يُكفِّر السنة الماضية والباقية''، أخرجه مسلم. ومن الأعمال الصّالحة قيام اللّيل في هذه العشر، ولاسيما في الثلث الأخير من اللّيل. روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ''ينزل ربُّنا تعالى كلّ ليلة إلى السّماء الدنيا حين يبقى ثلث اللّيل الآخر يقول: مَن يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له''، أخرجه البخاري. ومن الأعمال الصّالحة الذِّكر والدعاء والاستغفار كما يقول تعالى: {كانوا قليلاً من اللّيل ما يَهْجَعون × وبالأسحار هم يستغْفٍرون} الذاريات:17-18، وذِكر الله بالتّهليل والتّكبير والتّسبيح والتّحميد وقراءة القرآن، قال تعالى: {يا أيُّها الّذين آمنوا اذكروا الله ذِكْرًا كثيرًا × وسبِّحوه بُكرةً وأصيلاً} الأحزاب:41-42، وقال صلّى الله عليه وسلّم: ''لأن أقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر أحبَّ إليَّ ممّا طلعت عليه الشّمس''، رواه مسلم.