أشارت عديد آيات القرآن الكريم والأحاديث النّبويّة إلى أنّ عبادة الله تعالى والتقرُّب إليه، بالطاعات القولية أو الفعلية، من الأمور الواجبة والمطلوبة من الإنسان المسلم في كلّ وقتٍ وحين، إلاّ أنّها تتأكّد في بعض الأوقات والمناسبات الّتي منها هذه الأيّام العشرة من شهر ذي الحجّة. عن ابن عباس، رضي الله عنهما، عن النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قال: ''ما من أيّام العمل الصّالح فيهنّ أحبّ إلى الله منه في هذه الأيّام العشر''، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله! قال: ''ولا الجهاد في سبيل الله، إلاّ رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء'' أخرجه البخاري. فينبغي على المسلم أن يستفتح هذه العشر بتوبة نصوح إلى الله عزّ وجلّ، ثمّ يستكثر من الأعمال الصّالحة عمومًا، ثمّ تتأكّد عنايته بالأعمال التالية: الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى، ودعائه وتلاوة القرآن الكريم، لقول الله تبارك وتعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} الحجّ .28 وروي عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''ما من أيّام أعظم عند الله، ولا أحبّ إليه العمل فيهنّ من هذه الأيّام العشر، فأكثروا فيهنّ من التكبير والتهليل والتحميد'' رواه أحمد. وقد كان بعض السّلف يخرجون إلى الأسواق في هذه الأيّام العشر، فيُكبّرون ويُكبّر النّاس بتكبيرهم. وممّا يُستحب أن ترتفع الأصوات بالتّكبير وذِكر الله تعالى، سواءً عقب الصّلوات أو في الأسواق والدور والطرقات ونحوها. كما يُستحب الإكثار من الدعاء الصّالح في هذه الأيّام، اغتنامًا لفضيلتها، وطمعًا في تحقّق الإجابة فيها. الإكثار من صلاة النّوافل لكونها من أفضل القُربات إلى الله تعالى، لأنّ النّوافل تجبر ما نقص من الفرائض، وهي من أسباب محبّة الله لعبده وإجابة دعائه، ومن أسباب رفع الدرجات ومحو السيّئات وزيادة الحسنات. ذبح الأضاحي، لأنّها من العبادات المشروعة الّتي يتقرّب بها المسلم إلى الله تعالى، في يوم النّحر أو خلال أيّام التّشريق. الإكثار من الصّدقات المادية والمعنوية، لمَا فيها من التقرّب إلى الله تعالى وابتغاء الأجر والثواب منه سبحانه، عن طريق البذل والعطاء والإحسان للآخرين، قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} الحديد .11 الصِّيام، لكونه من أفضل العبادات الصّالحة التي على المسلم أن يحرص عليها، لعظيم أجرها وجزيل ثوابها، ولما روي عن صيام النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، في هذه الأيّام المُباركة. فقد روي عن هُنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قالت: ''كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصوم تسعَ ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيّامٍ من كُلِ شهر، أوّل اثنين من الشّهر والخميس'' رواه أبو داود. قيام اللّيل، لكونه من العبادات الّتي حثّ النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، على المُحافظة عليها من غير إيجاب، ولأنها من العبادات الّتي تُستثمر في المناسبات على وجه الخصوص كليالي شهر رمضان المُبارك، وليالي الأيّام العشر ونحوها. أداء العمرة، لما لها من الأجر العظيم، لاسيما في أشهر الحجّ، حيث إنّ عُمرة النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، كانت في أشهر الحجّ. ولما ورد في الحثّ على الإكثار منها والمُتابعة بينها. فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنّ رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، قال: ''العُمرةُ إلى العُمرةِ كفارةٌ لما بينهما'' رواه البُخاري. زيارة المسجد النّبويّ في المدينةالمنورة، وهي من الأعمال الصّالحة المُستحبة للمسلم، لعظيم أجر الصّلاة في المسجد النّبويّ الّذي ورد أنّ الصّلاة فيه خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه إلاّ المسجد الحرام. وهي أيضًا فرصة لزيارة قبر النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، وصاحبيه، رضي الله عنهما، والسّلام عليهم، وما في ذلك من الأجر والثواب.