رفضت وزارة الخارجية الفرنسية، ضمنيا، الحديث عن تحفظ جزائري إزاء تدخل عسكري أجنبي في منطقة الساحل، لحسم الموقف بالقوة ضد القاعدة والتنظيمات المرتبطة بها. واعتبرت رضا الجزائريين عن اللائحة 2071، بمثابة دعم الخيار العسكري الذي تدفع إليه باريس بحماسة. قال متحدث باسم الخارجية الفرنسية، أول أمس، في اللقاء الصحفي اليومي، إن الجزائر رحبت باللائحة الأممية الصادرة في 12 أكتوبر الحالي، التي تشجع على فتح جبهة عسكرية ضد ''القاعدة'' في شمال مالي، ما يعني أنها لا تمانع تدخلا عسكريا أجنبيا. وكان الدبلوماسي الفرنسي بصدد الردّ على سؤال يقول: ''لقد نجحتم (الفرنسيون) في جر الجزائر إلى مسار تدخل في مالي''. وجاء الجواب كما هو منشور في موقع الوزارة: ''أحيلكم على تصريحات السلطات الجزائرية بعد المصادقة على اللائحة .2071 لا أذكر بالتحديد مفردات هذه التصريحات، ولكنها ترحب بالمصادقة على اللائحة''. وأعلنت الخارجية الجزائرية يوم 13 أكتوبر، أن قرار مجلس الأمن ''إيجابي ويتوافق مع المسعى الجزائري''. وتضمنت اللائحة منح مهلة 45 يوما لمجموعة ''إكواس'' لتوضيح خطة التدخل العسكري في حال فشل الحل السياسي. ولكن الذين يقفون وراء اللائحة، على رأسهم فرنسا، يريدون من دول غرب إفريقيا أن تتولى بنفسها شن الحرب، على أن تلقى دعما استخباراتيا ولوجيستيا غربيا. وتحدث الناطق باسم الخارجية الفرنسية عن ''اتصال دائم مع أصدقائنا الجزائريين وعلى كل المستويات''، وأشار إلى زيارات متبادلة لوفود وزارية وإلى اللقاء الذي جمع الوزيرين مراد مدلسي ولوران فابيوس بباريس ونيويورك. وأوضح بأن الحوار مستمر بين الجانبين حول الأزمة في مالي، وأن الفرنسيين تجمعهم مصالح واحدة مع الجزائريين بخصوص محاربة الإرهاب. وسئل الدبلوماسي أيضا، عن ''تردد'' الجزائر بشأن قيام حرب على حدودها، فقال: ''ما أسجّله أن الجزائر شاركت في جهود تسوية سابقة للأزمات في شمال مالي، خاصة عام .2006 وإذا كنتم تريدون تفسيرا للموقف الجزائري، أحيلكم على السلطات الجزائرية. بإمكاني أن أحدثكم عن الموقف الفرنسي، وعن اتصالاتنا (مع الجزائريين) وبإمكاني ملاحظة وقائع مثل تصريحات رسمية بعد المصادقة على النص، ولكني لا أستطيع الخوض في تأويلات حول الموقف الجزائري''. وتعكس تصريحات المسؤول الدبلوماسي دراية الفرنسيين بحساسية الجزائريين من أي تصريح أو موقف أو تفسير يأتي منهم يتعلق بقضايا تعني الجزائر. وكانت السلطات الجزائرية قد استنكرت إيحاءات فرنسية، مفادها أنها لا تبدي حزما حيال الجماعات الإرهابية في شمال مالي، بحجة أنها باردة إزاء مسعى حسم الموقف عسكريا. وبدّلت الجزائر موقفها فجأة، بانتقالها من رفض التدخل العسكري الأجنبي إلى تأييده. بل اعتبرت موقفها المتغيّر هو أساس تعاطيها مع الشأن في مالي ! وفنّد الدبلوماسي الفرنسي تواجد وفد من جماعة أنصار الدين بالجزائر حاليا. وسئل عن إمكانية فتح حوار بين فرنسا والتنظيم الذي يقوده الدبلوماسي الترفي السابق إياد آغ غالي، فقال: ''موقف فرنسا عموما، هو ضرورة إجراء حوار سياسي في مالي إذا كنا نريد حلا دائما للأزمة. ويكون الحوار بين السلطات المالية والأشخاص والمجموعات غير الإرهابية. هذا الموقف قديم تضمنته اللائحة 2071 التي تتناول عدة أشياء من بينها قبول الحفاظ على سلامة التراب المالي مبدئيا''. وأضاف: ''أما عن أنصار الدين، فلم ألاحظ موقفا من جانبها ينخرط في هذا الاتجاه، بينما رأيناه من جانب الحركة الوطنية لتحرير أزواد''. يقصد أن التنظيم الأزوادي، على عكس أنصار الدين، يطالب بتقرير المصير دون الدعوة إلى الانفصال.