''أخطوني''، ''تعيي''، ''خلوي'' هي عبارات من صميم الشارع الجزائري، تبناها الشباب واتخذوها ''لغتهم المشفرة '' للتخاطب، وهو ما ألهم الشاب ياسين حوسيني مصمم ''الأنفوغرافيا'' حتى يبدع من وحي الشارع ''ماركة'' استقطبت آلاف المعجبين في ظرف قياسي. كثيرا ما يستوقفنا في الشارع العاصمي تحديدا شباب يرتدون أقمصة على الموضة، لكن المميز فيها أنها تحمل شعارات بالعامية الجزائرية وترجمة للإنجليزية واليابانية أحيانا، تعبّر عن شخصية صاحبها أو توجّه في الغالب رسائل مباشرة للمجتمع. القمصان التي تلقى رواجا كبيرا بين الشباب والمراهقين وحتى الفتيات أبدعها شاب في عقده الثالث، كانت له تجربة في فرقة لموسيقى ال''هيب هوب''، مختص في الأنفوغرافيا، موهوب في الرسم ومولع منذ صباه بالرسوم المتحركة اليابانية والرياضات القتالية الآسيوية، فاختار لماركته اسما من حضارة بلاد الساموراي ''نينجا وير''. وعن فكرة ''نينجا وير'' يقول ياسين حوسيني، البالغ من العمر 36 سنة: ''لم أفكر أن محاولة التعبير عن إحساسي حيال ضغط العمل الذي كنت أعاني منه سيكسبني عشرات المعجبين ويدفعني للتفكير في ماركة تحمل اسمي''. ويواصل ياسين، وهو متخرج من معهد الصناعات والفنون المطبعية، أن محاولته الأولى كانت بتصميم القميص الذي يحمل عبارة ''أخطوني'' الذي يحتل المرتبة الأولى من حيث الطلب حاليا. مضيفا: ''أردت أن أوجّه رسالة إلى مديري في العمل بأني تعبت، فاتركوني وشأني، ويبدو أنه فهم الرسالة جيدا لأن العمل تضاعف من يومها''، يعلق ضاحكا. الفايسبوك..الانطلاقة ولأن القميص لفت انتباه المقربين منه والأصدقاء، صمم ياسين كمية محدودة لرفاقه، ثم توسعت دائرة المعجبين إلى الفايسبوك عبر صفحته ''نينجا وير''، أين تهاطلت طلبات المعجبين لتوفير قمصان تحمل شعارات أخرى، واتخذ من محل صديق في نفق شارع موريس أودان، قرب الجامعة المركزية نقطة لبيع بضاعته، أين تباع القمصان بين 1300 و1500 دينار. يضيف ياسين أو ''سينو'' كما يدعوه الأصدقاء ''الفايسبوك فتح لي آفاقا جديدة وساعدني في ربط الاتصال مع معجبين داخل وخارج الوطن، وسعيد لأن قمصاني جابت دول العالم عبر جاليتنا''. أخطوني.. الأكثر طلبا وتحمل خزانة قمصان ياسين العشرات من الشعارات الجديدة، التي كان المجتمع مصدر الإلهام فيها، على غرار ''كيما ادير تحير''، ''زوالي وفحل''، تعيي''، ''فنيان''، ''واش دخّلك''، غير أنه يعترف أن ''أخطوني'' الأكثر طلبا من قبل الشباب، فيما تفضّل الفتيات ''سكاتك رحمة'' في رسالة موجهة لكل من يضايقهن في الشارع. ولا يوافق ياسين من يعتبرون ''ماركته'' تحمل عبارات لاذعة أو توجه نقدا عنيفا للمجتمع. مضيفا: ''صحيح أن ''نينجا وير'' ولدت من فكرة تلقائية دون تخطيط، لكن اليوم أريد من خلالها أن أوجه رسائل إلى المجتمع، تلقي الضوء على سلبياتنا التي نعترف بها ونريد أن نغيّرها بطريقتنا''. ويواصل المتحدث: ''أخطوني'' أو ''واش دخّلك'' مثلا يوجه رسالة للفضوليين الذين يحشرون أنفهم فيما لا يعنيهم، ونفس الشيء بالنسبة ل''واش دخّلك'' وغيرها من الشعارات''. ورغم أن أغلبية القمصان تحمل شعارات ناقدة أو ساخرة، فهذا لم يمنع ياسين من تصميم أخرى تحمل حكما وتشير إلى إجابيات الشخصية الجزائرية، ومنها ''زوالي وفحل''، ''ما يدوم غير الصح'' وغيرها.. التسويق العائق الأكبر وعن تكلفة القمصان يؤكد ياسين أنها تكلفه الكثير، إلا أنه يحاول أن تكون في متناول الجميع حتى وإن لم يكن هامش ربحه كبيرا، لكن يبقى العائق الأكبر أمامه تسويقها والوصول إلى أكبر عدد من الزبائن عبر الوطن. يضيف: ''تصلني عشرات الطلبات عبر صفحتي على الفايسبوك من مختلف مناطق الوطن، لكن إمكانياتي لا تسمح لي بالوصول إلى الجميع، لكني لا أستعجل على رزقي للوصول''. ويبقى طموح مبدع ''نينجا وير'' الحقيقي هو تأسيس علامة جزائرية تحمل اسمه في المستقبل، ولو أن تحقيق الحلم سيتأخر فهو لا يبالي ويمضي ''دوفا دوفا''، الشعار الذي يحمله أحد قمصانه.