تحوّل التداوي بالأعشاب إلى الطب الأكثر رواجا بالجزائر، حيث يلجأ العديد من الأفراد إلى استعمال الأعشاب للتداوي من الأمراض، خاصة وأن أغلب الجزائريين يفضّلون هذا النوع من التداوي عديم الأضرار، حسب اعتقادهم، فضلا عن التجارب الناجحة في علاج العديد من الأمراض التي عجز الطب الحديث عن معالجتها، كالأمراض المزمنة مثل السكري، والقولون والروماتيزم، وكذا الأمراض الخبيثة كالسرطان. يبقى الجانب المادي أكثر ما يدفع الجزائريين للإقبال على التداوي بالأعشاب، على اعتبار أن ذلك أقلّ تكلفة بكثير من اللجوء للأطباء وإجراء تحاليل ثم شراء كميات كبيرة من الأدوية المرتفعة الثمن. أفارقة في الأسواق الشعبية ومشارقة في الصيدليات من خلال لقائنا ببعض الباعة في أسواق العاصمة، لمسنا انقسامهم إلى عطّارين لديهم خبرة في بيع المستحضرات، في حين يعتمد البعض الآخر على العطارة كتجارة، حيث يقوم بشراء المستحضرات جاهزة من العطّارين الذين لا يعرفهم سواه، ويعيد بيعها في الأسواق. كما إن وصفات العطّارين تختلف نوعا ما، حيث يعتمد البعض على وصفات معروفة لعلاج الأمراض، خاصة الجلدية منها. وفي جولة قادتنا إلى سوق الحراش التقينا ''مولاي''، الذي ينحدر من بشار ويبيع مستحضراته بمختلف الأسواق الشعبية بالعاصمة، الذي قال ''إن العديد من سكان المدن لا يعرفون الشيء الكثير عن الطب البديل وفعالية علاجه لجميع الأمراض دون استثناء، معتبرا أن طب الأعشاب تجاوز الطب الحديث بمراحل بالنظر إلى قدمه''، وأردف محدّثنا أن البعض يفضّل هذا النوع من الطب، في حين يتخوّف آخرون منه، بالرغم من أنه لا توجد أضرار له، حسبه. كما أكّد أنه يسافر من أجل جمع هذه الأعشاب، التي قال عنها إنها نادرة، ولا توجد إلا عند أحد الباعة النيجيريين بالجنوب الجزائري. وخلال خرجتنا اقتربنا من بعض المتردّدين على بائعي الأعشاب المتجوّلين بساحة الشهداء، فأوضح لنا أحدهم أنه جرّب خلطة اقتناها بمائتي دينار من أجل علاج ''الإكزيما''، حيث أشار ''أنه عانى من هذا المرض لسنين، وعجز عن علاجه الكثير من أخصائيي الجلد الذين قصدهم، لكنه اليوم في حالة جيدة بعد الخلطة التي مكّنته من الشفاء تماما، حيث يقول ''إن الأدوية لم تأت بأي نتيجة، فقصدت ذات مرة العطّار وتكلّمت عن العلّة، وأخذت الدواء الذي كان عبارة عن مزيج من الأعشاب وبعد فترة ليست بالطويلة تحسّنت حالتي وزال المرض''. وبعيدا عن كلام هؤلاء، بدا بعض الحاضرين غير مقتنع بكلام العطّارين المتجوّلين، حيث أوضح أحد الشباب الذين التقينا بهم في الحراش أن الكثير من كلام عشّابي الأسواق عبارة عن كذب وتحايل لبيع وصفاتهم وفقط، موضّحا أن العديد من الناس جرّبوا وصفاتهم دون نتيجة، بالإضافة إلى أن ادّعاءات العطّارين غير مقنعة، حيث يتحدّث أحدهم عن وصفة تعالج العشرات من الأمراض جملة واحدة، وهذا كله افتراء على المواطنين، يقول. وبين تكذيب البعض وتصديق البعض الآخر، قصدنا إحدى الصيدليات المتخصّصة ببيع الأعشاب السورية واللبنانية بالعاصمة، حيث يقول صاحبها، ذو الأصول السورية، الذي لم يذكر اسمه، أن التداوي بالأعشاب الطبيعية والخلطات هو أمر مرتبط، منذ الأزل، بالأمراض الفيروسية وغيرها، فما كان من أجدادنا سوى التفكير باقتناء الدواء، ولكن اقتناء عشبة طبيعية أمر كافٍ لهم للتماثل للشفاء والتخلّص من أي مرض. ولهذا كان الزمن كافيا لتعلّم مهارات كيفية استعمال عشبة عن أخرى لنزلات البرد، أو لتقرّحات المعدة، أو حتى لتخفيف آلام الرضيع الصغير من أوجاعه اليومية. وعن الأعشاب الأكثر رواجا، قال إن المحل يركّز على أعشاب ومستحضرات الحمية ''الريجيم''، والخلطات الخاصة بالصلع، وزيوت الشعر بمختلف أنواعها، وهذا تماشيا مع طلبات الزبائن. شجرة مريم للعقم وشحم الجمل للربو.. والزنجبيل للفحولة في الحديث الذي جمعنا بالشاب ''مولاي''، أخبرنا أن الأعشاب أصبحت لها فعالية كبيرة اليوم في علاج الكثير من الأمراض، منها العقم الذي يعالج بشجرة مريم، وهي شجيرة صغيرة يابسة، متوفّرة بكثرة في مناطق وسط آسيا والمغرب، وتُستعمل لعلاج العديد من الأمراض، ولها العديد من الفوائد كزيادة إدرار الحليب لدى المرضعات، غير إن هذه الشعبة قد أثبتت كفاءتها في علاج العقم لدى النساء، حتى من تجاوزن سن الأربعين، كما أكّد أنها تبقى خطيرة على صحة النساء أثناء فترة الحمل. كما أوضح محدثنا أن شحمة الجمل مفيدة لعلاج الربو والسكري والسرطان، وهي تلقى رواجا كبيرة لدى الجزائريين، أما مادة الزنجبيل، التي أصبحت تباع بكثرة في المقاهي الجزائرية، فقال عنها أحد الباعة المتجوّلين إنه يعالج الكثير من الأمراض، بما فيها الضعف الجنسي، لكن الإفراط في تناولها يؤدي، حسبه، إلى أمراض في المسالك البولية.