كشف مصدر على صلة بشؤون مكافحة الإرهاب في الساحل، بأن قرار أمير كتيبة الملثمين، مختار بلمختار، الانفصال عن القاعدة مناورة، هدفها الابتعاد عن الصراع المسلح الوشيك في إقليم أزواد، والوقوف في صف صديقه القديم أمير جماعة أنصار الدين، إياد غالي. فسر تصرّف بلمختار الأخير بأنه إعلان عن الوقوف في الحياد أمام التنافس الحاد غير المعلن القائم بين الجماعتين الرئيسيتين الجهاديتين، القاعدة والتوحيد والجهاد، حيث تتحرّك قيادة القاعدة للإعلان عن وجودها في المنطقة، بعد أن أربكها الصعود المفاجئ لجماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، في وقت تؤكد كل التقارير القادمة من شمال مالي أن جماعة التوحيد باتت القوة الثالثة عسكريا بعد أنصار الدين والقاعدة، والقوة الأولى من ناحية الفاعلية في العمليات الإرهابية المنفذة في عام .2012 وبينما يحاول أتباع درودكال استعادة قدرة القاعدة على التأثير، يحرمهم مختار بلمختار من كل إمكانية لذلك، بإعلانه الانسحاب من القاعدة، ردا على قرار تنحيته من إمارة كتيبة الملثمين. ويهدف بلمختار من وراء كل هذا لإبعاد أتباعه عن العاصفة القادمة التي تهدف لطرد الجماعات المسلحة الجهادية من شمال مالي، وهو يدرك أكثر من غيره أن المعركة محسومة سلفا لصالح قوات التدخل التي ستنشر في إقليم أزواد. ومن الناحية التكتيكية العسكرية، لا يمكن لمجموعة مسلحة أن تصمد في الصحراء في وجه وحدات عسكرية مسلحة ومجهزة جيّدا. لهذا، يحاول بلمختار الابتعاد عن المواجهة العسكرية، والانضمام إلى المفاوضين وسكان البلاد الأصليين. للإشارة، شهدت السنوات ال17 الماضية بروز بلمختار كقائد عسكري للقاعدة في شمال مالي والنيجر، وتأسيسه لكتيبة الشهادة، وبعدها كتيبة الملثمين. وبقي أبو عباس أو الأعور المرجع الأهم للجماعات المسلحة في شمال مالي طيلة 17 سنة. وتشير أغلب التقارير إلى أن له دورا كبيرا في تأسيس التوحيد والجهاد، وفي تسليح جماعة أنصار الدين، وفي العمليات العسكرية التي نفذتها الجماعة للاستيلاء على مدن شمال مالي. وشهدت الفترة نفسها تمرد بلمختار 4 مرات ضد أمير الجيا، جمال زيتوني، في التسعينيات، ثم ضد حسن حطاب، أمير الجماعة السلفية للدعوة والقتال، ثم ضد درودكال مرتين في الجماعة السلفية، وفي تنظيم القاعدة المغاربي. وفي نفس الفترة، فتح خالد أبو العباس خطوط اتصال مع السلطات الجزائرية عدة مرات، وأبلغ مصالح الأمن في مناسبتين عزمه إلقاء السلاح، وتبيّن في النهاية أن الأمر يتعلق بمناورات. ويعلم الجميع أن الرجل هو الصندوق الأسود لكل النشاطات غير القانونية في منطقة الساحل، ما يعني بالضرورة أن رأسه مطلوب لدى أكثر من جهة. فهل سينجح هذه المرة أيضا في مناوراته؟