لماذا يحتار البعض في الصعود القوي لعمارة بن يونس، الوزير ورئيس حزب الحركة الشعبية الجزائرية، وينسون أنه رفيق درب ''الراحل سياسيا'' الدكتور سعيد سعدي؟ ولماذا يتساءل البعض عن سرّ تواجد حزب ''تاج'' للوزير عمار غول في البرلمان حتى قبل حصوله على الاعتماد، وينسون أنه رفيق درب ''الشيخ المغضوب عليه'' أبو جرة سلطاني؟ من الطبيعي في بلد مثل الجزائر، لا تزال الطبقة السياسية لم تعتد بعد على ممارسة اللعبة الديمقراطية أن تظهر أحزاب مقربة من السلطة يقودها أشخاص ''مضمونين'' بالتعبير الدارج، ومهمة هذه الأحزاب هو ملء الفراغ الذي تخلقه أوضاع سياسية معينة. وببساطة، فإن عمارة بن يونس لديه ''كاريزما'' كسبها من كونه ابن منطقة القبائل وتربى في أحضان حزب علماني يعادي الإسلاميين، كما ''يمتاز'' بأنه شخصية انتقلت من المعارضة إلى دائرة السلطة. وهذه مواصفات يحتاجها النظام الآن، ك''عقاب'' للدكتور سعيد سعدي الذي استقال فجأة وانسحب من حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، بعدما لعب لعبة ''الربيع العربي'' مع مستشار ساركوزي السابق برنار ليفي. أما بالنسبة لعمار غول، دكتور الهندسة النووية، فقد نجح في امتحان السلطة، وأثبت ولاءه ل''الدولة'' على حساب حركة مجتمع السلم، وهو يحوز على مواصفات كثيرة تجعله ذلك ''الإسلامي المرغوب فيه''، وتظهر قوته بذكر أخطاء مسؤوله الحركي، الشيخ المغضوب عليه أبو جرة سلطاني. فالشيخ أبو جرة، رغم سنوات الوزارة والإمارة في الحكومة والحركة، لم يلبث أن أعلن الانقلاب والانشقاق عن هيئة التحالف الرئاسي، بمجرد وصول حمى الربيع العربي إلى تونس ومصر، وظهر للحظة أنه سيكون رئيس وزراء الجزائر في عهد ''ما بعد الثورة''، أو هكذا كان يتصور. ويبدو أن هذا الموقف، ضمن مواقف أخرى منها ملف قائمة المفدسين في الجزائر، أغضب كثيرا أهل الحل والربط، وكان لزاما ''خلق'' كيان جديد من رحم حركة مجتمع السلم، هو حزب تجمع أمل الجزائر (تاج). وقد يكون ''تاج'' هو الضلع الثالث لهيئة التحالف الرئاسي، بجنب جبهة بلخادم وتجمع أويحيى، في حال تقرر بعث مشروع العهدة الرابعة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. لكن، بقيت الإشارة إلى وجود صدفة في كون كل من عمارة بن يونس وعمار غول قد شغلا منصب وزير الأشغال العمومية، وها هما يجتمعان الآن معا في حكومة واحدة، بحزبين قويين يراد أن يكون لهما ''شأن'' في قابل الأيام. [email protected]