الفساد درجات في الجزائر.. وخبرات يتوارثها الموظف الصغير وصولا إلى ''كبار'' الفاسدين في بعض الإدارات والمؤسسات والهيئات التي تعلق لافتة خدمة الشعب على واجهاتها؟ والرشوة هي ''أول الدروس'' التي يتلقاها من يريد أن يتخرج من ''المدرسة العليا لفساد الإدارة الجزائرية''، فالوثيقة مهما كانت تافهة وسهلة تحتاج إلى ''محرّك'' لكي تصل إلى صاحبها، وأجرها على الله وصلته أم لم تصله، ما دامت الرشوة قد بلغت يد الموظف، وحال المواطن البسيط يقول ''اللهم شلّها له قبل أن يضع المال الحرام في جيبه''. والرشوة درجات، فهي تبدأ من مبالغ زهيدة، لتصل إلى الملايير، وتلك لها ''ناسها'' وأصحابها يتفاوضون عليها في أفخم المطاعم والحانات والملاهي الليلية والغرف الحمراء! ولسان المواطن يقول ''اللهم شل جسدهم بالكامل قبل أن يصل إلى سحب الملايير من الحسابات البنكية المتعفنة بالمال الحرام على حساب حقوق المواطن''. ومحاربة الرشوة والفساد والاختلاس والتبديد درجات أيضا، ولا يصل مستواها إلا من كان دفع الملايير ليبقى في المركز الهام جدا، الذي يتيح له المتاجرة بالصفقات العمومية والمشاريع على حساب المواطن وحقه في العمل وإنجاز المشروع كما ينبغي، وصوت المواطن يعلو ''اللهم شل كل المؤسسات التي يتاجر مسؤولوها باسم الوطنية والوظيفة لنهب الملايير بالعملة الوطنية والأجنبية ويبني مستقبلا لأبنائه وأحفاده، عوض أن يضمن مستقبل المئات من الشباب والعائلات''. فالفساد درجات ومكافحة الفساد درجة واحدة، فهل يعقل أن يسجن سارق الدينار الواحد، في حين أن المسؤول المرتشي والفاسد جسدا وروحا يغرّم أو يحكم عليه فقط بالحبس غير النافذ.. والنتيجة أن الفساد يشيع في بلد ''لا يعاقب'' الفاسد. وفي جزائر اليوم هيئات مهمتها محاربة الفساد، ومع هذا فالفساد في كل مكان، وصرخة المواطن تعلو ''نريد حلا لقطع الطريق على الفاسدين لا هيئات تحرر التقارير''. إن كان الفساد ومحاربته همّ واهتمام الحكومات المتعاقبة بما فيها الحالية، فعليها بسوط محاربتها، ولتبدأ من ''سنة أولى فساد'' إلى الشهادة العليا لفساد الإدارة الجزائرية، لأن الفساد هو نفسه سواء كان رشوة أو اختلاسا أو تبديدا لمال الشعب، حتى ولو تعلق الأمر بدينار واحد؟