رحم الله الرئيس الراحل هواري بومدين .. كان يقول " إن القوة والطاقة التي كنا نتمتع بها كانت تكمن في القيم والأخلاق .. في الطهارة والنزاهة .. في الضمائر الحية والثقة المتبادلة بين المجاهدين " و كان يقول أيضا " إن المناضل البسيط كان يحمل " شكارة دراهم " من حدود الولاية الرابعة إلى مغنية و لا ينقص منها دينارا واحدا .. لأن المراقب والرادع الحقيقي هو الضمير .. " فكل الاحترام والتقدير للذين يملكون ضمائر حية ويتحلون بالقيم النبيلة .. لكن هذه القيم والأخلاق أصبحت اليوم غائبة تماما .. وانتشر الفاسدون في الإدارات .. أحد المسئولين قال لي بأنه كان خائفا و مترددا عندما عيّن في منصبه في أحد القطاعات في ولايتنا .. فهل وصل بنا الفساد لهذه الدرجة ، وهل صحيح نفتقد نوعية المسؤولين الذين يملكون الضمير ..؟ طبعا ليس معقولا أن المسؤولين كلهم فاسدون ولا يصح التعميم .. لأن هناك مسؤولين نزهاء يعملون في صمت ليلا نهاراً .. يدافعون عن المصلحة العامة للمجتمع .. " اولاد فاميليا " هؤلاء يجب أن لا ننساهم و يجب أن نمد لهم يد العون وأن نمنحهم الفرصة لتطهير الإدارات من منزوعي الضمير .. الفساد هو أخطر مرض يصيب المجتمعات .. والفاسد ليس فقط الذي يستنزف أموال الدولة أو يطلب رشاوى أو يسطو على حقوق الناس أو يغش في عمله ..إنما كل موظف يستهتر بالمواطنين و يعطل مصالحهم .. وكل مسؤول يتحرش جنسيا بالسكرتيرات أو بالموظفات أو بالطالبات .. و شتان بين الموظف النزيه والموظف الفاسد .. وبين من يحترمه الناس ويثقون فيه وبين من نزع عن نفسه الاحترام و المصداقية.. أيها الفاسدون لقد حطمتم أحلام أجيال من الشباب وقضيتم على معنوياتهم وضيعتم مستقبلهم .. وأغلقتم أبواب الأمل في نفوسهم .. حتى أصابهم اليأس والإحباط .. فحرام عليكم .. أيها الفاسدون لقد أسئتم لزملائكم النزهاء ولوّثتم سمعة الإدارة وألحقتم بها الضرر .. ولا يهمكم إلا ملأ جيوبكم .. فأدخلتم التنمية في ثلاجة وأصبتم قطاعات الدولة بأمراض مزمنة .. فمتى تشبعون ..؟ أيها الفاسدون : المناصب لن تبقى وسوف تزول .. وهناك قبر وهناك حساب وعذاب .. و كل كنوز الدنيا وأموالها لا تساوي سؤال واحد هو " من أين اكتسبته .. " فهل ستأخذون الأموال المشبوهة معكم إلى قبوركم ..؟ أدعو الله أن ينتصر للذين أكلتم حقوقهم وأن يحفظ بلادنا منكم وأن يهديكم إلى الطريق الصحيح .