اعتبر دكتور الاقتصاد محجوب بدة، أن المفاوض الجزائري لم يفتك من نظيره الفرنسي مزايا عديدة على المدى القصير والمتوسط على المستوى الاقتصادي، ملاحظا أن مشروع ''رونو'' لتركيب السيارات، إلى جانب كلفته العالية، فإنه لن يحقق نسبة مردودية تجارية إلا بعد ثلاث سنوات، إذا دخل الإنتاج فعليا في نهاية .2014 وأوضح بدة ل''الخبر'': ''يعتمد صانعو السيارات على إستراتيجية انتشار إقليمية لعدة اعتبارات، فمن غير المقبول اقتصاديا أن تقام مصانع بحجم كبير في أسواق متوسطة بتعداد سكاني لا يتعدى 40 مليون نسمة، لذلك تم اعتماد إستراتيجية خاصة بالنسبة لمصنع ''رونو''، تتمثل في تقديم أدنى حد من المزايا مقابل أقصى حد من الضمانات، بهدف ضمان تسويق الكمية المنتجة من الطراز الوحيد الذي يتم تجميعه والإبقاء على تموقع الشريك الفرنسي في السوق، دون أن يكون المشروع عبارة عن تحويل أو نقل صناعي، بل تقسيم سلسلة الإنتاج، حيث يتم توفير الأجزاء من مصانع الشركة الفرنسية في رومانيا وتركيا وفرنسا وتجميعها في الجزائر، موازاة مع ضمان نسبة إدماج متدرجة تبدأ بقرابة 10 إلى 15 بالمائة، إلى بلوغ نسبة 42 بالمائة على المدى المتوسط. أي، عمليا، لا يمكن بلوغ مثل هذه النسبة، إلا بعد 2020 على أقل تقدير، بعد ست سنوات من تشغيل المصنع. واعتبر بدة أن تكلفة المشروع الصناعي تفسر بغياب شبكة المناولة والهياكل القاعدية في بداية المسار ''لقد فقدت الجزائر شبكاتها الصناعية، خلال العشريتين الماضيتين. وعلى عكس دول الجوار، فإن إقامة شبكة المناولة المرتبطة بالمشروع الصناعي، تتطلب فترة زمنية، كما أن عمليات الجمع والتركيب أكثر تكلفة من استيراد المنتوج النهائي وهو ما دفع العديد من البلدان للتوجه إلى التصنيع بدل التجميع''، مضيفا ''مشروع ''رونو'' سيستفيد من مزايا جمركية وجبائية، فضلا عن تخفيص تكلفة اليد العاملة والطاقة، إلى جانب إمكانية التمويل البنكي المحلي بصفته مشروعا محليا، ومع ذلك يجب التدقيق في القيمة المالية المعلن عنها أي في حدود مليار إلى 1,1 مليار أورو. فمشروع ''رونو'' طنجة الذي كلف نفس القيمة، ينتج 8 مرات معدل الإنتاج الحالي في مصنع وهران، أي 200 ألف وحدة لنموذجين مقابل 25 ألف وحدة لنموذج واحد، ثم سيرتفع إلى 400 ألف وحدة مع بداية تشغيل مصنع وهران، أي أنه حتى مع بلوغ مستوى الذروة في الإنتاج، سينتج مصنع طنجة 3,5 مرة ما ينتجه مصنع وهران بنسبة إدماج أعلى ونفس الأمر ينطبق على اليد العاملة''. وأشار دكتور الاقتصاد ''استفادة مشروع ''رونو'' من الحصرية لثلاث سنوات، يلغي مبدأ المنافسة في السوق، هذا الأخير ينمو بوتيرة سريعة ما بين 25 إلى 45 بالمائة سنويا وهي بالتالي الأعلى في المنطقة، علما أن سوق السيارات العام ,2012 يمثل مستوى الذروة بحوالي 510 ألف وحدة. ورغم إدراج المشروع على أنه جزائري بشراكة فرنسية، إلا أن ذلك لا يمكن أن يفسر ذلك، خصوصا أن مبدأ الحصرية لم يطبق من قبل بمثل هذه الصيغة. وعليه، فإن ميزان المكاسب يميل كثيرا للشريك الفرنسي الذي لم يقدم تنازلات كثيرة مقابل ما حصل عليه، باستثناء تقليص مدة الحصرية من 5 إلى 3 سنوات''.