يرافق مهرجان الفيلم العربي بوهران، منذ تأسيسه من طرف المدير العام الأسبق للتلفزيون الجزائري حمراوي حبيب شوقي، تقليدا جزائريا محضا، يتمثل في الاحتفاظ بأسرار التنظيم والتمويل، كأن الأمر يتعلق بسر من أسرار الدولة. لم يعد سرا على أحد في وهران، أن ملف صرف ال 15 مليار سنتيم المخصصة للطبعة الخامسة، يوجد على مكتب وزيرة الثقافة خليدة تومي. الوزارة ضاعفت المبلغ المخصص للطبعة السادسة، ورفعته إلى 32 مليار سنتيم. علما أن عدد المشاركين من الدول العربية ونوعيتهم، تراجع كثيرا بالمقارنة مع الطبعات السابقة، حيث اقتصرت المشاركة هذه السنة، على 10 دول عربية ومنها الجزائر طبعا. ولم تكن لجنة تنظيم الدورة السادسة بخيلة، حيث أجّرت فندق ''الميريديان'' و''الروايال'' للنجوم، وحتى حليمة الزهوانية، التي أدت مناسك الحج ضمن الوفد الذي أرسله رئيس الجمهورية إلى البقاع المقدسة، حظيت هي الأخرى بما يليق بمكانتها. ويكاد المرء يعتقد أن وزارة الثقافة خلت من إطاراتها ومستخدميها الذين تنقل عدد غير معلوم منهم إلى وهران للمشاركة في التنظيم. وإذا كان كريم أومزيان، قد رفض الإفصاح عن تشكيلة اللجنة التي أشرفت على اختيار الأفلام المدرجة في المسابقة، ربما لأن ذلك ''سر'' أيضا. وهي اللجنة التي ترأسها المدير التقني للمهرجان ياسين علوي، الذي فضّل مرافقة فيلم ''زبانة'' الذي أنتجه إلى مهرجان دبي، ولم يحضر افتتاح مهرجان وهران. فإنه لم يعد سرا في وهران وفي وزارة الثقافة أيضا، أنه باستثناء الناقد السينمائي محمد بن صالح، لا يملك غيره من الباحثين الجامعيين الذين شكلوا اللجنة تكوينا متخصصا في السينما بصفة عامة والعربية على وجه الخصوص. وأكثر من ذلك تبين أن اللجنة لم تشاهد كل الأفلام التي قيل أنها تقدمت بطلبات للمشاركة، ومنها تلك التي تشارك في المسابقة بدليل أن أحد المنتجين، رد على سؤال بخصوص رداءة التسجيل المعروض بأنه استقدمه معه. وهو ما يعني منطقيا أن اللجنة لم تشاهد فيلمه. طرح هذا الواقع، ليس القصد منه ''التشهير'' بمنظمي المهرجان، الذين من المفروض أنهم يصنعون فرجة جماهيرية مثلما تصنعها المهرجانات المماثلة في كل دول العالم، ولكن لكي تكون الفرجة جميلة لا يليق ''تغليفها'' في خانة ''الأسرار''. ومع كل هذا، فإن قاعتي سينما السعادة والمغرب، بوسط مدينة وهران، اللتين احتضنتا العروض المدرجة في المسابقة وغيرها، امتلأتا بالجمهور الشغوف بالفن السابع، باستثناء أولئك الرسميين والمنتخبين في كل المجالس، الذين تزاحموا على حفل الافتتاح وحرموا حتى ضيوف المهرجان من مقاعدهم. وحتى محافظة المهرجان ربيعة موساوي، لم يعثر المشاركون لها على أثر في قاعتي سينما السعادة والمغرب. وهما القاعتين، التي يعد المشرفون على المهرجان في نهاية كل طبعة، بأنهما ستواصلان العروض السينمائية طول السنة، إلا أنهما تتحولان بعده إلى فضاءات للخطابات السياسية وبعض العروض الغنائية في الصيف.