تساءل المرضى، أمس، ومن قبل أيضا ''لماذا دخل الممرضون في إضراب وهم قد استفادوا مؤخرا من زيادات ومخلفات على الأجور''، فنقلنا نحن هذا الانشغال إلى مستخدمي شبه الطبي فطرحنا نفس السؤال على المعنيين. من خلال تغطيتنا للإضراب التقينا بعمال هذا السلك بمختلف أصنافهم، فتحدثوا عن مصاعب المهنة، بدأوها برؤساء المصالح الذين كما نعتقد أن أجورهم على الأقل لا تقل عن 50 ألف دينار، أكدوا لنا أنها تتراوح بين 35 و42 ألف دينار، بالإضافة إلى أنهم محرومون من منحة المسؤولية التي يتقاضاها كل رئيس مصلحة عبر مختلف قطاعات الوظيف العمومي، لتصبح الانشغالات أكثر صعوبة وتعقيدا كلما تدرجت المناصب، فالعدد الموجود حاليا قليل جدا مقارنة بالحاجة الوطنية، كما أن هناك إشكالا أكبر بعد انطلاق العمل بالنمط التكويني الجديد، إذ سيؤجل تخرج دفعات جديدة إلى ثلاث سنوات مقبلة، مع العلم أن السلك يحتاج إلى توظيف سنوي، كل ذلك سينعكس سلبا على العاملين حاليا بسبب الضغط الممارس عليهم. وهنا تساءل عدد كبير منهم ''لماذا يلوموننا إذا عامل أحدنا المريض بنوع من الخشونة ونحن تحت ضغط كل هذه الظروف دون مقابل مادي؟''.. في الوقت الذي رد آخر حول علاقتهم بالمريض أنها أكثر إنسانية مما يعتقده الجميع.. علاقة وإن حاولنا اختصارها في بعض المواقف إلا أنها لا تغطي، حسبهم، حجم الأخطار التي يتعرضون لها وسط نقص الوسائل، فالعدوى مثلا الناجمة عن الأمراض المتنقلة عبر الدم أو الاستنشاق من أكثر الأخطار، حيث سبق وتم تسجيل حالات وفيات بسبب ذلك، وهو الوضع الذي عززه نقص الوسائل، فهناك أمراض تحتاج، حسب إحدى الممرضات، لاستعمال 50 قفازا في اليوم ''ولكننا نجد أنفسنا مضطرين لاستعمال عدد أقل لمحدوديتها''، ونفس الوضع بالنسبة للأدوية، في الوقت الذي تكلم فيه الممرضون بمستشفى نفيسة حمود (بارني سابقا) عن حرمانهم حتى من أماكن لتغيير ملابسهم، أو حتى لقضاء حاجاتهم البيولوجية حيث يضطر المقيمون بجوار المستشفى للتنقل إلى منازلهم للقيام بذلك، كما أنهم يتكفلون بالمرضى من كل الجوانب من التطبيب إلى تغيير الحفاظات إلى وظائف أخرى يأبى حتى أقرب المقربين من المريض فعلها، والمقابل لكل ذلك أجر زهيد، وحتى المخلفات التي تحصلوا عليها أجمع الممرضون أنها سلمت لمن استدانوا منهم سابقا.