أتذكّر أنني قرأت خبرا عن نشوب حروب سمكية في شواطئنا أدّت إلى هجرة سمك السردين من الشواطئ الجزائرية.. وتزامن ذلك مع تولّي السيد أبوجرة سلطاني لوزارة الأسماك والصيد..! وقيل وقتها إن السمك في الشواطئ الجزائرية فقد عقله.. وأصبح يأكل بعضه البعض احتجاجا على تولّي الراقي بوجرة لأمور تنمية الأسماك! واليوم أقرأ خبرا يقول إن العديد من الأسماك أصبحت تنتحر في الشواطئ الجزائرية! ولا أحد يعرف السبب! ربما هذه الأسماك تنتحر لأنها سمعت بأن سياسة البلاد الطاقوية بدأت تتّجه إلى البحث عن الثروة الغازية في هذه الشواطئ وليس الثروة السمكية؟! وأن هذا الانتحار السمكي سببه هو احتجاج الأسماك على هذه السياسة التي تطبّقها الحكومة في ضرب ثروة الغاز وثروة السمك؟! وهو ما أزعج الأسماك وجعلها تفكّر في ثورة ربيع سمكي في الجزائر؟! ربما كان انتحار الأسماك في شواطئ الجزائر سببه هو تضامن الأسماك المنتحرة مع ''الحرافة'' الذين ابتلعهم البحر! أو ربما أن هذه الأسماك انتحرت لأنها أكلت من لحوم ''الحرافة'' الذين غرقوا في البحر؟! في سنة 2891 سمعت المرحومة أنديرا غاندي تقول أمام المؤتمرين في مؤتمر عدم الانحياز الذي انعقد في نيودلهي.. سمعتها تقول عن ترابط السلم والأمن الدوليين بما يشبه كلام الفلاسفة وليس السياسيين، حيث قالت ''إننا لا يمكن أن ندوس زهرة دون أن نزعج نجمة في السماء''..! فهل انتحار الأسماك في شواطئنا لا يدل على ترابط أزمات الجزائر بعضها البعض.. حيث تتضامن الأسماك، بالانتحار، مع ''الحرافة'' في محنتهم! ومعنى هذا الكلام أن ما ينجز من طرف السلطة من مناكر ضد ''الحرافة'' أحست به حتى الأسماك فاحتجت على طريقتها الخاصة بالانتحار! ثمة نظرية أخرى قد تكون وراء انتحار الأسماك في شواطئ الجزائر، وهي ظاهرة التلوّث التي ضربت الحياة العامة على المدن الساحلية، وأدّت إلى تلويث حتى مياه البحر.. وأدى ذلك إلى احتجاج الأسماك بالانتحار، تماما مثلما يحتج الشباب الجزائري بالانتحار على اليابسة، أو ينتحر برمي نفسه في البحر! الأسماك لا تنتحر هكذا دون سبب.. والأكيد أن السبب له علاقة بأفعال الإنسان الجزائري النكراء في المياه الإقليمية؟! لكن لماذا لم تهرب هذه الأسماك نحو أوروبا، كما يفعل ''الحرافة''، وفضّلت الانتحار على الشواطئ الجزائرية احتجاجا على سياسة الحكومة في البيئة؟! قد تكون الأسماك هذه تتمتّع بوطنية أكبر من ''الحرافة''.. وحتى من رجال السلطة، الذين تنتهي مهمتهم فيغادرون البلد!