من قاطع الصالون الوطني للكتاب قاطع القارئ وليس النقابة نحن بحاجة لمؤسسة توزيع بعد أن انتشرت المقروئية في الجزائر العميقة l يعتقد أحمد ماضي، رئيس النقابة الوطنية لناشري الكتب، أن الإقبال على الكتاب المحلي أصبح ظاهرة منتشرة، وقد ساهم الصالون الوطني للكتاب، في طبعته الأخيرة التي نظمت بالجناح المركزي بقصر المعارض بالصنوبر البحري، في تفعيل العلاقة بين القارئ والمؤلف المحلي. وقال ماضي، في حوار مع ''الخبر''، إن سوق الكتاب أصبح بحاجة ماسة لمؤسسة توزيع كبيرة، بإمكانها إيصال الكتاب إلى الجزائر العميقة حيث توجد المقروئية. ما هو التقييم الذي يمكن تقديمه بخصوص الطبعة التاسعة للصالون الوطني للكتاب؟ l أعتبر أن الطبعة التاسعة لصالون الكتاب ناجحة بكل المقاييس، مقارنة بالطبعات الأخرى، وبالأخص الطبعتين السابعة والثامنة. وأعتبرها ناجحة أولا من حيث الإقبال، فقد نظم الصالون خلال فترة العطلة الشتوية بين 20 و30 ديسمبر، بعد أن كانت فعالياته تجري في شهر أفريل. وهناك نجاح آخر، فالصالون الأخير نظم في الجناح المركزي لقصر المعارض بالصنوبر البحري، وشكل ذلك نقطة تحوّل مهمة، حيث أعطينا الكتاب المحلي مكانته اللائقة، علما أن الجمهور تغيّر وأصبح يطالب بالأحسن. وقد تم اتخاذ قرار تنتظم الصالون بالجناح المركزي لقصر المعارض بالتعاون مع شركة ''صافكس'' التي قدّمت لنا كل التسهيلات اللازمة لإنجاح التظاهرة. وهناك نقطة أخرى أريد التركيز عليها، ولم تكن من تقاليد النقابة خلال السنوات الماضية، وهي مسألة التنسيق مع الوزارات المعنية بالكتاب. أعتقد أننا خلقنا تقليدا جديدا، رفقة أعضاء مكتب النقابة الحالية، وفكرنا في الكيفية الملائمة للتنسيق مع عدد من الوزارات، منها وزارة التكوين المهني التي خصصت لوحدها رحلات للمتربصين من أربع ولايات هي بومرداس، البليدة، تيبازة والجزائر العاصمة، لنقلهم إلى قصر المعارض وزيارة الصالون، حيث كنا نتلقى زيارة مائة وعشرون متربص في اليوم. كما خصصنا فضاء للمديرية العامة للأمن الوطني، وتلقينا زيارة وزيرة التضامن السيدة سعاد بن جاب الله، إضافة إلى عدد من الشخصيات الوطنية. هل معنى هذا أن الكتاب المحلي أصبح يحظى بالاهتمام؟ l أعتقد أن الكتاب المحلي أصبح يحظى بنفس الاهتمام ويلقى نفس الرواج مقارنة بالكتاب العربي أو الأجنبي، وربما أكثر. ثم إن الناشر الجزائري تعلّم طرقا جديدة للترويج للكتاب، على غرار عملية البيع بالتوقيع التي خلقت علاقة مباشرة مع القارئ، فتمكن أي كاتب من توقيع أكثر من خمسين نسخة في اليوم. كما برزت ظاهرة شراء الحقوق، وطبع الكتب الأجنبية التي تهم الجزائر. بصفة عامة، أصبح الناشر الجزائر صاحب نظرة أكثر مهنية واحترافية، مقارنة بالسنوات السابقة. هل يمكن القول إن المساعدات التي قدّمتها الدولة الجزائرية، خلال السنوات الماضية، بدأت تبرز ثمارها؟ l أكيد. وقد ساهم هذا الدعم في بروز سوق حقيقي للكتاب، لكن الظاهرة التي بقيت تؤثر سلبا على رواج الكتاب في بلادنا تكمن في مسألة التوزيع التي لاتزال تراوح مكانها. نحن بحاجة لمؤسسة توزيع كبيرة، على شكل مؤسسة مشتركة بين كل الناشرين واعتمادا على دعم الدولة. كما يفرض علينا الوضع الحالي التفكير بجدية في إعادة فتح المكتبات، وتوفير نقاط جديدة لبيع الكتاب. نردّد في كثير من الأحيان أن الجزائري لا يقرأ، لكن في المقابل لم نفعل أي شيء لإيصال الكتاب إلى القارئ في الجزائر العميقة حيث يوجد القارئ فعلا. وأركز هنا على مسألة انتشار المقروئية، فلا أظن أن المدن الكبرى هي الوحيدة التي نعثر فيها على القارئ، فهذا الأخير أصبح موجودا حتى في المدن الداخلية وفي القرى الصغيرة، وهذه ظاهرة جديدة لا بدّ أن نتعامل معها بشكل مغاير، ونفكر فعلا في الطريقة المثلى لإيصال الكتاب إلى أقصى نقطة. كما أن الناشر الجزائري أصبح اليوم بحاجة ماسة إلى دعم المواد الأولية التي تساهم في صنع الكتاب، وقد خرجنا بتوصيات خلال ندوة 2010 في هذا الاتجاه وقمنا بإرسالها للجهات المعنية، ومازلنا ننتظر الرد. لاحظنا خلال الطبعة التاسعة من الصالون مقاطعة بعض دور النشر، هل أثر ذلك على مجريات التظاهرة؟ l أريد أن أوضح أولا أن أي دار للنشر ليست ملكا للناشر، بل هي ملك للقارئ والمؤلف. وبالتالي كل مقاطعة للصالون الوطني للكتاب تعدّ بمثابة مقاطعة للقارئ والجمهور في نفس الوقت، وهي ليست مقاطعة للنقابة أو للصالون. اعتمدنا خلال تنظيم هذا الصالون على ناشرين جدد برزوا على الساحة خلال السنوات الماضية، وأغلبهم جاؤوا من المدن الداخلية، قدّموا عناوين جديدة وشهدوا إقبالا كبيرا على مؤلفاتهم. وقد انضم إلى النقابة الوطنية لناشري الكتب، خلال فترة الصالون، واحد وعشرون عضوا جديدا. وباعتباري رئيسا للنقابة، أعتبر الأبواب مفتوحة أمام كل الناشرين دون استثناء، لأن هذه التظاهرة ليست ملكا لأحمد ماضي، بل لكل الناشرين الجزائريين الذين يعملون على نشر وتطوير الكتاب المحلي. ونحن في الذكرى الخمسين للاستقلال كان من الواجب تجاوز كل الخلافات الشخصية من أجل هذه الذكرى، ومن أجل المقروئية والقارئ الجزائري الذي أصبح يبحث عن الكتاب المحلي ويهتم به. أعتقد أن الصالون كان بمثابة لحظة حاسمة، فقد جمع عدة شخصيات وطنية اختلفت سياسيا، إلا أن الكتاب جمع بينها. أصبحت دور النشر الجزائرية تهتم في السنوات الأخيرة بنشر الرواية، هل يوجد لدى أعضاء النقابة وعي فعلا بوجود مقروئية للأدب؟ l فعلا، لقد أصبح كثير من الناشرين يهتمون بنشر الكتاب الإبداعي، من شعر ورواية وقصة قصيرة، بعد أن لاحظنا أن المقروئية على هذا النوع من الكتب أصبح ظاهرة منتشرة. ونعتقد في النقابة أن الناشر لا بد أن يغامر في نشر الكتاب الإبداعي، ولا ينتظر دعم الدولة. وعلى كل ناشر أن يتبنى روائيا أو شاعرا أو كاتب قصة، أو مجموعة منهم، ويروّج لإبداعه عبر تنظيم ندوات وخلق نقاش حول أعماله، لأن العمل الإبداعي دون النقاش يبقى حبيس رفوف المكتبات.