محاولات وسطاء من خارج الجمارك للإسراع في غلق الملف كشفت مصادر عليمة عن شروع مصالح المديرية العامة للجمارك في تحقيقات معمّقة، حول قيام شركة مختلطة جزائرية تونسية لاستيراد الحديد مقرها بمنطقة العلاليق في عنابة، بالغش في التصريح الجمركي وخرق اتفاقية التبادل الحر لمنطقة المغرب العربي، ما تسبّب في إلحاق أضرار مادية بالخزينة العمومية، قدّرتها المصالح ذاتها ب470 مليار سنتيم. ذكرت المصادر أن التحقيق الأمني والإداري سيشمل إعادة التدقيق في هوية المساهمين في رأس مال هذه الشركة، خاصة أن هناك أجانب من جنسية تونسية، يحتمل أن بعضهم مقرّبون من عائلة الطرابلسية التي تنتمي إليها زوجة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي. وأضافت أن التحقيق سيكشف محاولات لوسطاء من خارج جهاز الجمارك سعوا لبرمجة لقاءات سرية لطيّ الملف نهائيا، بهدف الحصول على استفادات ومزايا، إلا أن المديرية العامة للجمارك تفطنت لتلك المحاولات، وسارعت إلى فتح تحقيق شامل ومعمّق في القضية. وأفادت مصادرنا أنه بناء على برقية من المدير المركزي لمكافحة الغش بالمديرية العامة للجمارك، تم توقيف نشاط هذه الشركة يوم 17 جانفي الماضي، والتحقيق في 17 ملفا يشمل جميع النشاطات التي قامت بها منذ سنة .2010 وتبعا لذلك، تم حجز باخرة بحمولة تزن حوالي خمسة آلاف طن من الحديد المعدّ للبناء، تم استيراده من إسبانيا، وهي الباخرة التي لاتزال راسية في المياه الإقليمية الجزائرية، كما تم حجز ست حاويات من النحاس على مستوى ميناء عنابة وسلع أخرى، قدّرت بحوالي ستة آلاف طن، ناهيك عن وجود سلع وبضائع محجوزة بالمركز الحدودي أم العيون بولاية الطارف. وقد سمحت العملية، لحد الآن، بالكشف عن تجاوزات تخص أساسا وضعية التسعيرة والغش في التصريح الجمركي، من خلال ارتكاب مسيّري الشركة أخطاء في الرمز الجمركي، تخص 17 ملفا لعمليات استيراد تمت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وكذا خرق اتفاقية التبادل الحر لمنطقة المغرب العربي، حيث تبيّن قيام مسيّري الشركة بإدخال سلع وبضائع بطرق تدليسية ومخالفة للتشريع، تم استيرادها كبضائع معفاة من الضريبة وفقا لتلك الاتفاقية، حيث حوّلت الأموال المخصصة لهذا الغرض إلى وجهات مجهولة، بالإضافة إلى عدم تسديد مستحقات الجمارك المقدّرة ب470 مليار سنتيم. من جهته، أوضح مسيّر الشركة في اتصال به، أن أصل القضية هو خلاف إداري بين مصالح الجمارك، خاصة أن هذه المصالح أكدت سنة 2009 وجود خطأ في الرمز الجمركي الذي صرّح به وكيل العبور، مضيفا أن القضية أدخلت بعد ثلاث سنوات إلى المنازعات دون التحقيق مع مفتش الفحص ومدير العمليات التجارية، اللذين فرضا هذا الرمز على وكيل العبور وحمّلوا الشركة الخطأ.