استنكر عدد من خريجي المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري، ببرج الكيفان، لثلاثة أجيال، قرار وزارة الثقافة غلقه في وجه الطلبة المضربين منذ مدة. وأجمع الفنانون المتخرجون من المعهد العالي، على مساندتهم لطلبة المعهد في إضرابهم من أجل تحسين أوضاعهم وإعادة الاعتبار لشهادتهم، كما ندّدوا بقرار الغلق مهما كانت مبرراته. لا تزال قضية إضراب طلبة المعهد العالي لفنون العرض والسمعي البصري، تلقى ردود فعل رافضة ومنددة بالموقف الأخير لوزارة الثقافة، والقاضي بتعليق النشاط التربوي بالمعهد، حيث استقصت ''الخبر'' آراء مجموعة فنانين من خريجي المعهد، حول الأزمة بين وزارة الثقافة والطلبة المضربين عن الطعام منذ أكثر من أسبوع. الممثلة ريم تاكوشت: ''من حق الطلبة أن يعاد الاعتبار لمعهدهم'' شدّدت الفنانة ريم تاكوشت على أنها كفنانة تتضامن مع طلبة المعهد العالي لفنون العرض السمعي البصري، مع توقفها عند مسألة أسباب الإضراب ومن يقف وراءه وأبعاده. لكن في المقابل، ترى الفنانة ريم تاكوشت، خريجة المعهد دفعة 2000، والذي كان يسمى وقتها ''المعهد العالي للفنون الدرامية''، أن على الجهات الوصية مناقشة مطالب الطلبة ومعرفة الأسباب الحقيقية وراء حركة الإضراب واتخاذ الإجراءات اللازمة لاستيعاب الموقف، مضيفة أنها كابنة للمعهد تقف متضامنة مع هؤلاء الطلبة في مطلب معادلة شهادتهم لشهادة الليسانس، خاصة أنهم دخلوا المعهد بعد تحصلهم على شهادة البكالوريا، حيث أوضحت بأن من حق الطلبة أن يعاد الاعتبار لمعهدهم وأن يتلقوا أحسن تعليم وتكوين وأن ينظر إلى انشغالاتهم وتؤخذ بعين الاعتبار. وأشارت ريم تاكوشت إلى أن المعهد، اليوم، يعاني من نقائص كثيرة أثّرت على الطلبة قائلة: ''علينا فقط أن نسأل عن الأساتذة الذين يدرسون هناك ومستواهم''. وأثارت ريم أيضا، في تصريحها ل''الخبر''، قضية إعادة النظر في التكوين الذي هو أساس وجود هذا المعهد. الفنانة فاطمة بلحاج : ''أنا ضد الطرق التعسفية في التعامل مع الأزمة'' أكدت الممثلة فاطمة بلحاج، خريجة المعهد في بداية الثمانينيات، أنها تساند الطلبة في إضرابهم، لكنها ترى أنه ''مهما كانت أسباب هذا الإضراب يبقى غير مبرر''. ودعت الممثلة إلى ''فتح حوار ونقاش جاد بين الجهة الوصية والطلبة كحل وسط للأزمة''. وقالت فاطمة بلحاج إن غلق المعهد غير مقبول ''أرفض هذه الطرق التعسفية في التعامل مع هذه القضايا''، كما أنها ''ضد أن يقوم الطلبة بإضراب عن الطعام ويضروا أنفسهم''، داعية إلى طرق أكثر سلمية وتفتحا لحل الأزمة. وأوضحت فاطمة بلحاج بأنها لا تملك كل خيوط القضية، لكنها تتمنى أن ''يتم حل المشكل ويلغى قرار تعليق الدراسة وأن يجد الطلبة الآذان الصاغية عبر حوار بناء يضع كل مشاكلهم على طاولة النقاش، مشدّدة على أنها ترفض رفضا قاطعا أي نوع من أنواع الغلق أو تعليق النشاط التربوي للمعهد، لأنها ستكون خسارة للجميع''. المسرحي نور الدين مرواني: ''التاريخ يعيد نفسه من أجل المطلب ذاته'' ذكر الفنان المسرحي نور الدين مرواني أن التاريخ يعيد نفسه، مؤكدا أنه وزملاءه قاموا بإضراب في سنوات الثمانينيات من أجل المطلب ذاته. وأضاف المتحدث أنه تفاجأ بهذا القرار الذي لا يتماشى بشكل منطقي مع الإنجازات التي قامت بها وزارة الثقافة، من دعم للفنانين وفتح لعدة مسارح، معتبرا القرار قاسيا، حيث كان يفترض، حسبه، أخذ مشاكل الفنانين والمدرسة بعين الاعتبار، خاصة أن الكثير من أبناء جيله، كما قال، قد غيّروا التخصص والمهنة بسبب المشكل نفسه. المخرج عمار محسن: ''قرار الوزارة متسرع'' تأسف المخرج عمار محسن كثيرا على الوضع الذي آل إليه المعهد، واصفا قرار غلقه بال''المتسرع''، خاصة أن المشكل ذاته شهده المعهد سنة 1970، عندما كان طالبا به في فترة ما بين 1969 و1973، معتبرا أن أحسن حل هو الحوار وأن بلوغ الطلبة حد الإضراب يعد شيئا مهينا في حق الفنان الجزائري وصورته أمام فناني العالم. وعبّر عن استيائه من دمج معهدين معا، في حين كان بالإمكان تخصيص معهد لكل فن وتخفيف العبء عن المعهد الحالي. كما أكد المخرج قائلا ''عند تخرجي لم نجد أين نتجه ووجدنا الخلاص في المسارح، لكن المسارح الحالية ليست لديها ميزانية كافية لتوظيف ممثلين وتوفير لهم كل المتطلبات الضرورية، فأين يذهب هؤلاء؟ وما العمل حيال خسائر الدولة إذا مضوا إلى سنة بيضاء أو أغلق المعهد، والوزيرة معروفة بمبدأ الحوار فكيف وصلت إلى هذا القرار؟''. المسرحي عبد الناصر خلاف : ''على الوزارة إعادة نشاط المعهد'' اعترف الباحث المسرحي عبد الناصر خلاف، بأنه غير مطلع على ملف قضية المعهد، مضيفا ''لكنني يجب أن أشير، في البداية، إلى أن مشكلة هذا المعهد الذي أتشرف بأنني تخرجت منه، بدأت حين أصدر قرار تحويله من معهد عالٍ للفنون المسرحية، إلى معهد عالٍ لمهن وفنون العرض''. وأوضح قائلا ''صراحة رغم النية الطيبة لوزيرة الثقافة، فإنه تم التغرير بها من طرف مستشاريها في تلك الفترة، حين أخذت هذا القرار، وكان من المفروض أن يترك المعهد على حاله واستحداث معهد آخر للفنون السمعية البصرية''. وطالب عبد الناصر خلاف، في هذا الإطار، الوزيرة ''بالعمل على إصلاح هذا الخلل، على الأقل ليس في هذه الفترة بالذات، وإعادة بعث المعهد كما كان عليه ومحاولة إيجاد صيغة توافقية في حالة الغلق وإعادة نشاطه العلمي لفائدة الطلبة وتحقيق المطالب المشروعة''، مشيرا إلى وجود ظاهرة خطيرة يعرفها المعهد، وهي مشاركة الكثير ممن يلتحقون بالمعهد، لأول مرة، في أعمال مسرحية وتلفزيونية، وهذا على حساب التحصيل العلمي، وهو سلوك يتنافى مع رسالة المعهد، ويتحمل وزرها في الأخير الطلبة وإدارة المعهد على حد سواء''. حاولنا أخذ تصريح الفنانة صونيا في هذا الشأن، إلا أنها كانت منشغلة، حسب أمينة مكتبها، في اجتماع يخص مهرجان المسرح النسوي الذي افتتح أول أمس بعنابة.