استبعدت مصادر في قطاع الطاقة التشغيل الكامل لمركب تيقنتورين الغازي بعين أمناس على المدى القصير، مشيرة إلى أن تحفظات الشركات الدولية وعدم عودة الإطارات والمهندسين الأجانب، سيؤخر تشغيل المصنع لأشهر أخرى، ما سيحرم الجزائر من إنتاج معتبر للغاز والمواد المشتقة لمدة، قد تمتد إلى سبتمبر المقبل. تفيد المصادر نفسها أنه من الصعب ضمان تشغيل كامل للمنشآت الغازية، وبصورة أمثل على المدى القصير، دون الخبرة الدولية، رغم إعلان السلطات العمومية في 24 فيفري، على خلفية زيارة الوزير الأول عبد المالك سلال، بمباشرة تشغيل إحدى الوحدات من مجموع ثلاثة. إلا أن مركب تيقنتورين لم يدخل إلى حد الآن مرحلة الإنتاج، في وقت يواجه فيه الشريك سوناطراك صعوبات، بالنظر إلى التحفظات التي ماتزال تبديها شركتا ''بريتيش بتروليوم'' و''ستاتويل''، اللتان منعتا عودة الإطارات والتقنيين والمهندسين إلى الموقع. وأكثر من ذلك، وإلى جانب التدابير الأمنية المتخذة في عين المكان، فإن ''ستاتويل''، الشريك النرويجي، باشر تحقيقا معمّقا حول الإجراءات المتصلة بتأمين المركب، أسندت إلى مسؤول أمني سابق، تورغير هاغن، هذا الأخير الذي شغل منصب رئيس مصلحة الاستخبارات النرويجية ''أن أس أم'' أو هيئة الأمن القومي النرويجية ما بين 2002 و2010، سيقوم بصياغة تقرير بعد تحرّيات عن الثغرات والنقائص التي أدت إلى تسجيل حادث من الدرجة الأولى في موقع حساس واستراتيجي، وتسبّب في مقتل العديد من العمال والإطارات الأجنبية. وعلى صلة بهذه التحرّيات، فإن الشركات الأجنبية تتحفظ حاليا على إرجاع عمالها سريعا، كما تتفاوض بشأن عدد من الشروط الجديدة، بل ستأخذ هذه الشركات، على ما يبدو، الوقت الذي تراه هي مناسبا لذلك، خاصة أن ''بريتيش بتروليوم'' تقوم أيضا بتحرّيات وصياغة تقارير تخص المنطقة ككل، لاسيما مع الاضطرابات في شمال مالي، وإمكانية توسع تداعياتها على المناطق البترولية في الجنوب الجزائري، ما يضع الجزائر وسوناطراك في موقع غير مريح، بالنظر إلى الرغبة في عودة ضخ الكميات الضرورية من الغاز، بالنظر لأهمية الموقع الذي ينتج إلى غاية 9 ملايير متر مكعب سنويا و50 ألف برميل من السوائل، منها المكثفات، وكل تأخر في تشغيل المنشآت يتسبّب في خسائر تفوق 10 ملايين دولار يوميا. وقد سبق لرئيس مجلس إدارة ''ستاتويل''، سفان رينمو، أن أكد على ضرورة اللجوء إلى الخبرة الخارجية، أي عدم الاقتصار على التقارير والتحرّيات الجزائرية، إضافة إلى انتظار تسلم التقارير الكاملة وتشريحها لإعادة النظر في المنظومة الخاصة بتأمين المنشآت، قبل الحسم في قضية عودة العمال، لأن هؤلاء بالنسبة لهم خط أحمر. وبالتالي، فإن سوناطراك مجبرة على ضمان التشغيل الجزئي بمفردها، لمدة غير محدّدة، والذي تم رسميا في 24 فيفري، بعد توقف دام أكثر من أربعة أسابيع. ويشير خبراء في الطاقة إلى أن نقص الإمدادات والإنتاج الغازي لمدة طويلة، سيضع الجزائر أمام خيارات صعبة، حيث أنها ملزمة على احترام تعهداتها في مجال الصادرات المقدّرة كمعدل ما بين 55 إلى 60 مليار متر مكعب، ولكن أيضا تلبية حاجيات السوق المحلي المتزايدة بصورة كبيرة.