توفيت امرأة من إحدى مدن شرق البلاد بسبب مضاعفات صحية، إثر خضوعها لعملية شفط الدهون التجميلية، والسبب إصرارها على نزع أكبر قدر ممكن من الشحوم، ليسايرها الطبيب في طلبها، رغم أن المقاييس الطبية تؤكد على عدم تجاوز ال3 لترات من الدهون في العملية الواحدة. عرفت ثقافة الطب التجميلي طريقها للمجتمع الجزائري، وباتت مطلب عدد كبير من الرجال والنساء، على حد سواء، لترجح كفة الطلبات النسوية. وأكدت المعطيات أن 90 بالمائة من المترددين علىعيادات الطب التجميلي نساء. لكن في الوقت الذي تمارس فيه عمليات التجميل، عبر مختلف دول العالم، وفق مقاييس محددة وقوانين تحكمها، حيث يعتبر إمضاء الأشخاص الراغبين في تلك العمليات على وثيقة يتحملون فيها مسؤولية فشل تلك العمليات أول إجراء يعتمد، تعرف الجراحة ذاتها عندنا تجاوزات، نظرا لعدم تقنينها، إذ باتت جراحة ''لا شرعية'' تمارس غالبا في الخفاء، يتستر طالبها على ما ينوي القيام به، وكأنه مقبل على أمر محظور، ما لا يسمح له إذا ما فشلت الجراحة، أو تعرض لتجاوزات، أن يلجأ للقضاء ويرفع قضية ضد الطبيب المختص. حلمت بالقدّ الممشوق فماتت تعتبر حالة السيدة ''ق. م''، التي تقطن إحدى ولايات شرق البلاد، والتي تنقلت إلى الجزائر العاصمة قصد إجراء عملية شفط الدهون، لتشهد مضاعفات صحية أدت إلى موتها، من الحالات التي وصلت للعدالة، حيث رفع زوجها قضية ضد الطبيب الذي أشرف على عملية شفط الدهون، ليتبين أن السبب في الوفاة هو لجوء الطبيب، وبإصرار من مريضته، إلى نزع أكبر كمية ممكنة من الدهون خلال العملية التي خضعت لها، في الوقت الذي تؤكد قوانين الطب التجميلي على عدم تجاوز ال3 لترات من الدهون في العملية الواحدة. أما الضحية الثانية فهي السيدة ''ن. ر''، امرأة في مقتبل العمر تعرضت لسقوط شعرها، فقصدت إحدى عيادات الطب التجميلي. وعوض مطالبتها بتحاليل طبية نصحها الطبيب بأن تخضع لعملية زرع الشعر، مؤكدا لها أنها عملية ناجحة جدا ''تكلفتها تتجاوز04 مليون سنتيم ''، ليتبين، فيما بعد، أن حالة سقوط الشعر عندها مرضية، وتتعلق بمشكل هرموني يتطلب الخضوع لعلاج طبي مكثف لمدة تتجاوز ال 6 أشهر، يمكّن المريضة بعد ذلك من استعادة شعرها الطبيعي. وتجدر الإشارة إلى أنه في ظل الإقبال الخفي على الطب التجميلي، وكذا عملياته الجراحية، بقي الاختصاص ذاته غير مقنن ولا منظّم ببلادنا، ودليل ذلك أن غالبية العمليات الجراحية تتم في إطار شبه سري، إذ يحرص المقبلين عليها على التستر على ذلك، كونها تندرج ضمن ''طابوهات'' المجتمع، وبالتالي فلا تمارس داخل عيادات قائمة بذاتها، وخاصة بالتجميل فقط، مثل المتوفرة بباقي الدول، كعيادات طب وجراحة العيون وعيادات أمراض الأذن وغيرها، بل تندرج تلك العمليات ضمن نشاط عيادات خاصة تمارس عديد التخصصات الطبية، ورغم أن لتلك التخصصات أطباء دائمين بالعيادة تستثنى الجراحة التجميلية من ذلك، حيث يتم استدعاؤهم فقط عند توفر الطلب. وعن هذه النقطة، أكدت لنا مصادر طبية أن التعامل مع العمليات التجميلية التي تتطلب جراحة مثل شفط الدهون، يتم بجلب مختصين في التجميل لتلك العيادات، عند توفر طلبات على تلك العمليات، أما عمليات التجميل التي لا تتطلب جراحة فيمارسها الأطباء المختصون بعياداتهم العادية. وعن مسألة اعتماد العيادات الخاصة متعددة الخدمات لهذا التعامل، أكدت مصادرنا أنه يمارس من باب ''كل شيء متوفر عندنا لضمان أرباح أكثر''. فتيات يخضعن للتجميل مع اشتراط عدم المبيت بالعيادة تمثّل الفتيات أكثر نسبة كبيرة من زبائن عيادات التجميل عندنا، لكن الملاحظ، مثلما أكده لنا عدد من المختصين في هذا الاختصاص، هو تكتمهن على العمليات التي يقبلن عليها، حيث تشترط الفتاة القاصدة لعيادة الجراحة التجميلية أن تجرى لها العملية خلال الفترة النهارية، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم تمضية الليلة بالعيادة، نظرا لأنها أقبلت على ذلك في الخفاء، ودون علم أهلها. كما أنه من مفارقات هذه العمليات أن أثمانها تحدد حسب موقع العيادة. فحسب مصادرنا تشهد عمليات شفط الدهون، مثلا، ارتفاعا في السعر في حال ما تمت بعيادة بدالي إبراهيم أو حيدرة، على سبيل المثال، وهو ما أكدته لنا مصادر طبية، في حين تشهد الأسعار ذاتها انخفاضا إذا ما تمت بعيادة في باش جراح أو أي حي شعبي آخر. مخاطرها واردة والمتابعات القضائية قليلة جدا تعتبر الجراحة التجميلية مثل غيرها من الجراحات التي لا تستثني الخطر، حيث إن مخاطرها وآثارها الجانبية واردة، انطلاقا من خطورة التخذير حتى إمكانية فشل هذه الجراحة. ورغم ذلك أكدت لنا مصادر طبية أن جراحي العمليات التجميلية لا يطلعون زبائنهم على المخاطر التي بإمكانهم التعرض لها. وأضافت المصادر ذاتها أن المفترض قبل إجراء أي جراحة تجميلية يجب على الشخص الذي سيخضع لها التوقيع على وثيقة تخلي مسؤولية الطبيب، في حال عدم نجاح العملية، مع إلزام الطبيب بإعطاء المعلومات الكافية عن هذا الفعل الطبي للشخص المقبل عليه، وعن المضاعفات الممكنة للعملية الجراحية والمخاطر التي قد تلحق صاحبها، ويترك له مهلة أسبوع يراجع فيها نفسه ليحدد قراره. لكن المعمول به عندنا لجوء عدد كبير من ممارسي الجراحة التجميلية إلى تغليط زبائنهم، بضمان نجاح الجراحة، دون ذكر مخاطرها، أو القيام ببعضها، رغم علمهم أن الأمر لا يستدعي عملية جراحية في التجميل،مثل بعض حالات شفط الدهون، التي ترجع فيها سمنة المرأة لعوامل هرمونية محض، وبالتالي فحتى وإن لجأت لشفط الدهون المتراكمة بجسدها سوف ترجع بعد مدة قصيرة، لأن الأحرى بالطبيب، في هذا المجال، مطالبة المقبلين عليهم بتحاليل هرمونية. ولأن العملية ربح مالي لا أكثر تشفط الدهون دون أخذ الجوانب الصحية بعين الاعتبار، خاصة وأن هذه العمليات التجميلية عرفت في الآونة الأخيرة رواجا واسعا بالجزائر. وبالتالي ففي حال انعدام نتائج إيجابية أو فشل العملية يتحمل الشخص الذي لجأ لها المسؤولية وحده، ويتكتم على الأمر، لأنه خضع لها بمحض إرادته، وفي''الخفاء''، كونها تندرج ضمن طابوهات وضعها المجتمع الجزائري، وقليل جدا من طالبيها من يلجأ للقضاء.