أكد رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام، أمس، شروعه في سلسلة لقاءات من أجل التوصل إلى تشكيل حكومة توافق وطني عقب تكليفه من طرف رئيس الجمهورية اللبنانية، ميشال سليمان، بتشكيل الحكومة وحصوله على موافقة غالبية نواب البرلمان اللبناني، بعدما أبدى 124 نائب من ضمن 128 نائب يضمه البرلمان اللبناني قبول تمام سلام رئيسا للحكومة، خلفا لرئيس الوزراء المستقيل نجيب ميقاتي. يأتي تكليف تمام سلام بتشكيل الحكومة لإنهاء حالة من الاحتقان السياسي الذي كانت تعيشه لبنان، على خلفية تأثرها بالصراع الدائر في سوريا، على اعتبار أن الفرقاء السياسيين في لبنان انقسموا بين مؤيد ومعارض للنظام السوري، ما ساهم في تعميق الخلافات بين التيارات السياسية لدرجة كادت تهدد بعودة اللجوء لرفع السلاح، خاصة عقب اتهام حزب الله بالوقوف إلى جانب الجيش النظامي السوري. ويرى المراقبون أن إقدام رئيس الوزراء السابق، نجيب ميقاتي، على الاستقالة فتح الباب أمام إمكانية فتح باب الحوار من جديد بين الأطراف السياسية في لبنان، عقب توقف جلسات الحوار الوطني، على خلفية مطالبة تيار 14 مارس، بقيادة حزب المستقبل وأمينه العام سعد الحريري والمتحالفين معه، بضرورة تخلي حزب الله عن السلاح، الأمر الذي يستمر حزب الله في رفضه، مدعوما بحلفائه، بدءا من حركة أمل ورئيسها نبيه بري وميشال عون وتكتل التغيير والإصلاح. ويأتي اختيار تمام سلام، ابن رئيس الوزراء الأسبق صائب سلام، وهو من عائلة سنية عريقة في السياسية، من بيروت، بعد إجماع التيارات السياسية على كونه شخصية توافقية، تسعى إلى تحكيم الحلول الوسطية بعيدا عن التجاذب السياسي المتطرف، وهو ما أكده رئيس الوزراء الجديد الذي أشار في أول تصريحاته أنه سينتهج سياسية ''لا غالب ولا مغلوب''، في إشارة إلى تكريس ''حيادية الدولة اللبنانية والنأي عن الصراعات الإقليمية في المنطقة''، باعتبارها الطريقة الوحيدة لتجنيب لبنان الدخول في متاهات التفرقة والاحتقان الذي قد يؤدي إلى انقسام في البلاد، معتبرا أن الحكومة المقبلة ستكون حكومة ''لبنان واحد وليس لبنانين''. ويرى المتابعون للشأن اللبناني أن أهم الرهانات التي تواجه الحكومة الجديدة التوفيق في مواصلة جلسات الحوار، وإيجاد أرضية توافق بين الداعين إلى حصر مرجعية السلاح في لبنان بيد الدولة والجيش حصرا، وبين القائلين أن جيش المقاومة خط أحمر لا يمكن النقاش حوله، وهي المقولة التي يرفعها حزب الله ويؤيدها عدد من التيارات السياسية، في تأكيد على أن معادلة ''الشعب والجيش والمقاومة'' من الثوابت التي لا يمكن التنازل عنها.