تسبّبت المسيرة التي أقدم عليها الطلبة في 2011 في إحداث نوع من القطيعة بين الطلبة والتنظيمات التي ينخرطون بها، حيث اتهموها بالسعي لتحقيق أغراض إيديولوجية سياسوية على حساب مصلحة الطالب. أدى هذا الأمر إلى تراجع النشاط وغياب واضح لأغلب التنظيمات عن الحرم الجامعي لتبني مطالب الطلبة المتعددة والمتشعبة، في الوقت الذي بقيت أقلها تنازع على البقاء وتطالب وزارة التعليم العالي بإيجاد حل لإثبات تمثيلها، للتصدي لحالة ''التمييع''. 8 تنظيمات معتمدة وأغلبها غائب في الميدان لمعرفة عدد هذه التنظيمات الطلابية، وإن كانت لا تزال بحكم القانون تمارس نشاطها أو تم تجميد مهامها، كان لنا اتصال مع المكلف بالعلاقات مع التنظيمات الطلابية والشركاء الاجتماعية بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الأستاذ السعيد صاغور، حيث أكد أن الوزارة تتعامل، حاليا، مع 8 تنظيمات، وهي: الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين، الاتحاد الطلابي الحر، الرابطة الوطنية للطلبة الجزائريين، التحالف من أجل التجديد الطلابي الوطني، الاتحاد العام للطلبة الجزائريين، التضامن الطلابي الوطني، المنظمة الوطنية للتضامن الطلابي، المكتب الوطني للطلبة التابع للاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية. وهنا يشار إلى كل هذه التنظيمات منبثقة عن أحزاب سياسية، وترتيبها حسب الأقدمية. وحول اعتمادها، ذكر السيد صاغور أنها تحصلت على اعتمادها من وزارة الداخلية والجماعات المحلية، بعد استشارة وزارة التعليم العالي طبعا، بحكم نشاطها في هذا القطاع، وهي تخضع لقانون الجمعيات 3130، الصادر في 4 ديسمبر 1990. في الوقت الذي أكدت التنظيمات عدم استدعائها بعد لتحيين ملفاتها، وفق قانون الجمعيات الجديد. وعن طبيعة النشاط المسموح به للتنظيم الطلابي داخل الجامعة، تحدّث مسؤول الوزارة أنه يتماشى مع القانون الأساسي للمؤسسة الجامعية، فلهذه التنظيمات الحق في تنظيم نشاطات رياضية وثقافية تصب في صالح الطالب، في الوقت الذي يُحظر عليها غير ذلك. وهنا استدل المتحدث بالإقدام على غلق الباب الخارجي للمؤسسة الجامعية ومنع عمالها من الالتحاق بمناصب عملهم، كون هذا التصرف يصدر من المنخرطين في تنظيمات طلابية عادة، وهذا سلوك يعاقب عليه القانون حسبه، يضاف لذلك عدة تجاوزات، كاستغلال التنظيم الحرم الجامعي لأغراض سياسية، وهنا ذكر أن إدارة المؤسسات تلجأ إلى العدالة للفصل في مثل هذه التجاوزات، بعد إحالة ملفات أصحابها على اللجان التأديبية. والوصاية تسجل سنويا عددا من مثل هذه الحالات، رغم أنهم، يضيف صاغور، لا يحاسبون التنظيمات التي لا تعقد مؤتمراتها وتجديد هياكلها، بحكم أن ذلك من مهام وزارة الداخلية، واعترافهم بالتنظيم مستمر مادام لم يجمّد، حسبه، من مصالح هذه الأخيرة. وعن تقييم نشاطات التنظيمات، قال المسؤول ذاته إن ذلك يكون سنويا، ويشمل التقييم عدد النشاطات التي قام بها كل تنظيم، والتي صبت في صالح الطالب عموما، وحتى الاحتجاجات التي يشنها أي تنظيم يمكن أن تحسب لصالحه، في حال كانت المطالب وراءها مشروعة وتهدف إلى حل مشاكل بيداغوجية واجتماعية تعيق الطالب في دراسته. مؤكدا، في السياق نفسه، أن الوزارة دائما تحث رؤساء الجامعات على فتح باب الحوار، آخرها تعليمة أرسلت، مؤخرا، تطالبهم بفتح الحوار مع ممثلي التنظيمات دوريا، حتى في حال غياب أي انشغال.
التنظيمات تنفي تدخل الأحزاب في نشاطها وتطالب بالتصدي ل''التمييع'' تحدث الأمين العام لاتحاد طلبة التكوين المتواصل، ياسين منصوري، وهو تنظيم لا تصنفه الوزارة ضمن التنظيمات الثمانية كشركاء اجتماعيين كون طلبة التكوين المتواصل حالة خاصة، بحكم أن معظمهم عمال وليسوا طلبة فقط؛ بأن استقلالية التنظيم هي التي تجعله يدافع عن مصلحة الطالب، وهو ما عجزت عنه جميع التنظيمات، حسبه، التي تسبح في فلك أحزاب سياسية، تقوم اليوم، يضيف ذات المتحدث، بضخ أموال للتنظيمات التابعة لها، ما يجعلها في ''بحبوحة مالية''، تمكنها من تنظيم نشاطاتها براحة تامة، عكسهم حيث يعملون بإمكانيات محدودة. وأضاف المتحدث أن هذه الأحزاب تتحكم في خطوات التنظيم، حتى في البيانات التي تصدرها، وهو ما يجعلها بعيدة عن تطلعات واهتمامات وانشغالات الطلبة. وهو الأمر الذي نفته التنظيمات الطلابية، فحسب ما صرّح به الأمين العام للاتحاد العام للطلبة الجزائريين، منذر بودن، فإن الحزب الذي كان وراء نشأة التنظيم لا يتدخل في شؤون التنظيم الذي يمثله مطلقا، كما إن هذه النظرية باطلة، حسبه، لأن التنظيم الواحد به منخرطون من أكثر من حزب، وهي أمور خصوصية، وعندما يتعلق الأمر بمصلحة التنظيم، يكون هناك هدف مشترك، وهو مصلحة الطالب. أما بخصوص الميزانية العامة لكل تنظيم، فرفع المتحدث اللبس بالقول إن هناك إعانة من الدولة، باعتبارهم جمعيات في نظر القانون، لا تتجاوز 130 مليون سنويا، وهو مبلغ زهيد، حسبه، مقارنة بالنشاطات السنوية التي يقومون بها، مؤكدا، في السياق ذاته، أن الأموال التي يتحصل عليها تنظيمهم، مثلا، مصدرها العلاقات التي تربطهم بإطارات حزبية، كرجال الأعمال، التي تدعم النشاط الطلابي فقط، وليس من أجل الترويج لبرنامج أو توجه معيّن داخل الحرم الجامعي، الذي يمنعه القانون، إلا أنه مع ذلك، يضيف منذر بودن، فإن القانون لا يمنع من تكوين الطالب سياسيا، لتحضيره لمرحلة ما بعد الجامعة، خاصة وأن الملاحظ حاليا نفور الطلبة من السياسة، وهذا مؤشر سلبي، حسبه؛ لأن للسياسة دورا مهما في تغيير القرارات، لكن بشرط أن لا يتم توجيه الطالب نحو حزب معين دون الآخر. واعترف هنا أن التنظيمات الطلابية فشلت، فعلا، في خلق طالب ذي وعي وثقافة سياسية، لأن هذا من أهم مهامها، بحكم أن الجامعة هي قاطرة المجتمع. من جهته، ذكر الأمين العام للطلابي الحر، مصطفى نواسة، أن الوزارة بإمكانها وضع حد ل''التمييع''، بإيجاد صيغة لمعرفة مدى تمثيل كل تنظيم، ''ولتكون هناك آلية تحفظ التعبئة الطلابية الأكثر تواجدا. ونحن نقول هذا من منطلق الديمقراطية التي يقوم عليها الطلابي الحر''، موضحا، في السياق ذاته، أن قضية تحزب التنظيمات لا مكان لها في تنظيمهم، باعتباره مستقلا بقوانينه، وملتزمين، سنويا، بالتقريرين المالي والأدبي، ولا تتدخل الأحزاب، وليس حزب واحد، التي ينتمي إليها أعضاء الطلابي الحر في النشاط العام للتنظيم. وتحدث بدوره عن أهمية الوعي السياسي الذي يقدمه التنظيم للطالب، وليس ''البزنسة'' به، مثلما أصبح يصدر من أطراف عديدة، لأن كل النظريات السياسية، حسبه، خرجت من الجامعة. وعن الإعانات المالية التي تستفيد منها التنظيمات سنويا، قال نواسة إنه يفترض إعادة النظر فيها وتتفاوت حسب النشاط السنوي لكل تنظيم، بحكم أن هناك تنظيمات غائبة كليا عن الساحة الطلابية. في المقابل، يرى التحالف من أجل التجديد الطلابي الوطني أن التنظيمات انحازت، جزئيا، لخدمة الأحزاب المنبثقة عنها، وهو ما أفقدها نوع من المصداقية، خاصة خلال فترات الانتخابات بمختلف أشكالها، سواء الرئاسية أو حتى المحلية، حيث تعطي التنظيمات، وبحكم انتماء أعضائها لأحزاب سياسية، معظم وقتها للترويج لبرامج هذه الأخيرة، سعيا منها لكسب أكبر عدد من الأصوات، ومن ثمة توسيع دائرة التمثيل. كما اعترف أن ممثلي التنظيمات، عبر اللجان المحلية، يمكن لهم الانسياق وراء بعض المغريات فيرتكبوا أخطاء، إلا أن اللجان المركزية لا يمكنها ذلك أبدا، حسبه، إلا أنها، حسب أمينه العام السابق سيد أحمد تمامري، فإن التنظيمات لعبت دورا رياديا خلال العشرية السوداء، عندما حاولت أطراف عديدة، حسبه، إقحام الطلبة في مستنقع الدم، إلا أن الدور الذي لعبته التنظيمات، وقتها، حال دون تحقيق أهدافهم في ذلك، كما أن التنظيمات تشهد حاليا تحركات واسعة عبر الجامعات، خاصة بسبب المشاكل البيداغوجية والاجتماعية المطروحة، بما في ذلك تطبيق نظام ''آل. آم. دي''، الذي خلّف ردود أفعال متباينة عبر المؤسسات الجامعية، بسبب سوء تطبيقه. أما رئيس المنظمة الوطنية للطلبة الجزائريين، فارس بن جغلولي، فدافع عن تنظيمه، وقال إنه يواجه صعوبات جمة في لعب دوره داخل المؤسسات الجامعية، التي قال إن بعض رؤسائها حوّلوها إلى ملكية شخصية، وهو الأمر نفسه بالنسبة لعدد من مديري الخدمات الجامعية والإقامات، وهنا استدل بمديرة إحدى الإقامات بالعاصمة، التي تعمل على ترهيب الطالبات، حسبه، لمنعهن من الانخراط في تنظيمه لتصفية حسابات شخصية، وذهبت، حسبه دائما، إلى أبعد من ذلك في تعسفها، بتهديد كل طالبة تريد الانخراط في التنظيم باستدعاء ولي أمرها، وهنا علّق: ''كيف يمكن أن يكون موقف ولي أمر وهو يستلم استدعاء حول سلوك ابنته؟''. مضيفا أن هناك من يعمل على عرقلة نشاط التنظيم الذي يرأسه، رغم أن الأخير يسطر، سنويا، نشاطات تثقيفية وترفيهية، حتى تكون متنفسا للطالب من جهة، وفضاء للاطلاع على تاريخه من خلال الاحتفالات بذكرى عيد الطالب أو الشهيد، أو غيرهما من المناسبات، وهي محطات تحضيرية، يضيف جغلولي، ينبغي على الطالب اجتيازها والاستفادة منها لإعداده لتقلد المسؤولية لاحقا، لذا ينبغي على وزارة التعليم العالي منع التضييق الممارس على التنظيمات، التي قال إن هناك منها من يستغل الغطاء السياسي لها، لتحقيق مصالح لا تصب في مصلحة الطالب.