بين النقيضين تعيش مصر التي استقبلت ميادينها، أمس، مليونيتين، بمشاركة مختلف القوى السياسية والحركات الثورية وأحزاب تيار الإسلام السياسي، مليونيتان تحملان شعارات مختلفة ومتنوعة، وإن اختلفت شعاراتها تتفق عند مطلب واحد وأساسي، يتمثل في ضرورة تحقيق أهداف ومبادئ الثورة، حيث احتشد الآلاف من جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب الإسلامية، في القاهرة وعدد من المحافظات المصرية للمشاركة في مليونية ''تطهير القضاء''، وفي المقابل، خرج المئات من القوى الثورية وجبهة أزهريون مع الدولة المدنية، في مليونية ''مصر ليست للتقسيم''، تنديدا بحكم الرئيس مرسي. وقالت جماعة الإخوان المسلمين، التي أكدت على سلمية مليونيتها، إن الهدف من المظاهرة ردا على حكم محكمة الجنايات الصادر بإخلاء سبيل الرئيس السابق حسني مبارك في قضية قتل المتظاهرين، ومطالبة مجلس الشورى بإقرار قانون السلطة القضائية، من أجل تحقيق استقلال القضاء، وتطهير كل مؤسسات الدولة من الفاسدين، واتخاذ الإجراءات الثورية المناسبة لذلك، ومحاكمة ومحاسبة كل من تسبب في قتل الثوار، ورموز النظام السابق الذين أفسدوا الحياة السياسية، حسبها. وهي التظاهرة التي رفضها نادي القضاة المصري، الذي قال إنها لا تستند إلى أسس موضوعية، مشددا على أن جميع القضايا المعروضة أمام القضاة، خاصة قضايا قتل الثوار، تم الحكم فيها بالقانون ولا جدوى من هذه المليونية سوى إقحام القضاة في السياسة. وفي الأثناء، خرجت القوى الليبيرالية والمدنية في مليونية تحمل شعار ''مصر ليست للتقسيم''، والتي جاءت حسبها، نتاج سياسات جماعة الإخوان المسلمين وتخبطها وتواطؤها مع بقايا النظام المخلوع. وحذرت من محاولات الجماعة وحزبها الحرية والعدالة، القضاء على صرح القضاء المصري. وعلى الرغم من تأكيد القوى الثورية وجماعة الإخوان المسلمين على سلمية المليونيتين التي دعا لها الطرفان، إلا أن هذه المظاهرات خرجت عن إطارها السلمي، وتحولت إلى ساحة للكر والفر بين أنصار ومعارضي حكم الرئيس محمد مرسي، حيث تبادل الجانبان إلقاء الحجارة، ما اضطر لتدخل قوات الأمن لمنع وقوع الاشتباكات، وأطلقت وابلا من قنابل الغاز المسيل للدموع لتفرقتهم. وكانت الاشتباكات قد انطلقت بعد توجه أعضاء ''البلاك بلوك'' أو الكتلة السوداء، إلى ميدان عبد المنعم رياض بوسط القاهرة، البعيد بضعة أمتار عن مقر تجمع جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها، وقام مجهولون بحرق حافلة تابعة للإخوان وإصابة بعض المتظاهرين بطلقات خرطوش، ليبقى الطرف الثالث الحلقة المفقودة في مسار الثورة المصرية التي تأخذ مع الوقت اتجاهات مختلفة ومغايرة، بطلها العنف والتخريب والتقتيل. من جهته، أعاب الشيخ جمعة محمد علي، خطيب التحرير، في تصريح ل''الخبر'' على دور القضاء المصري في محاكمة ومحاسبة رموز مبارك في قضية قتل المتظاهرين السلميين، مشيرا إلى أن مهرجان البراءة الذي طال شخص مبارك، أعاد شرارة الغضب إلى مدينة بورسعيد.