العثور على جثة داخل المستشفى يحدث فوضى نفذت، أمس، نقابات قطاع الصحة تهديداتها بشل كافة المؤسسات الاستشفائية عبر الوطن، من خلال حركة احتجاجية ''استثنائية'' انخرطت فيها جميع أسلاك القطاع، ولأول مرة توحدت صفوف المستخدمين التابعين للتنظيمات المستقلة والاتحاد العام للعمال الجزائريين في إضراب عام، بخلفية مطالب مشروعة و''فاتورة'' ثقيلة يدفع ثمنها المريض. صنعت مسيرات عمال الأسلاك المشتركة الحدث على مستوى المؤسسات الاستشفائية الجامعية بالعاصمة، تزامنا مع انطلاق الإضراب الدوري الذي دعت إليه تنسيقية مهنيي ممارسي الصحة العمومية. واهتز أمس مستشفى مصطفى باشا على وقع هتافات موظفي هذه الأسلاك التي نظمت تجمعا حاشدا، متبوعا بمسيرة جابت أرجاء المستشفى وصولا إلى البوابة الرئيسية، حيث كانت قوات الشرطة تحاصر المكان استعدادا لأي طارئ وخروج محتمل للمحتجين إلى الشارع. وردد المحتجون عبارات منددة ب''الحفرة'' و''التهميش'' المتجسدين جليا في كشوف الرواتب التي استظهروها أثناء الاحتجاج، وصاحبتها دعوة السلطات إلى إنصافهم وتمكينهم من منحة العدوى ورفع مستوى الأجور التي لا تتعدى في أحسن الأحوال 20 ألف دينار، ورفعوا لافتات تعكس الظروف الاجتماعية المزرية للآلاف منهم، على غرار: ''يا وزير يا مسؤول رانا عايشين بالسيروم''، و''عفوا عفوا يا مريض زياري هكذا يريد''، وهذا الاعتذار الرسمي للمواطن قدمه أيضا أعوان شبه الطبي أثناء وقفتهم أمام مركز مكافحة السرطان ''بيار وماري كوري''، وتساؤلهم عن الجهات المستفيدة من تعفن الوضع، حيث أكد غالبية الممرضين المستجوبين أنهم يعيشون حالة ضغط نفسي مترتبة عن استياء المرضى وعائلاتهم من تعطل الخدمات الصحية بفعل الإضراب. وتبين شهادات المعنيين بأن احتواء غضب المواطنين الوافدين إلى مختلف المصالح الاستشفائية أضحى مسألة جد صعبة، وهناك مخاوف من حدوث انزلاقات في حال عدم تدخل الوزارة الوصية من أجل إنهاء هذه الأزمة، أما بالنسبة للمواطنين القاصدين للمستشفى من جميع مناطق الوطن، فإن الأمر سيان، ويوضح عدد من الأشخاص الذين تحدثنا إليهم أن ''الخدمات الصحية في المستشفيات في وضع كارثي حتى خارج فترات الإضراب''، وبالتالي فإن الاحتجاجات تزيد الوضع سوء فقط. و قد حضرت ''الخبر'' حادثة أفجعت المواطنين الذين دخلوا في مشادات كلامية مع أعوان الأمن بالمستشفى، عندما تم العثور على متسول في العقد السادس من العمر ميتا بقرب مصلحة الاستعجالات، وتحديدا أمام موقف سيارات، في وضعية توحي بأنه نائم، لكن أحد المواطنين تفطن للأمر وأبلغ عون الأمن، وسرعان ما التف حوله الفضوليون الذين صبوا جام غضبهم على عمال المستشفى و''تهاونهم''، كما قال بعضهم إن كل المواطنين مهددون بهذا المصير وليس فقط المتسول إذا لم يدافعوا عن حقوقهم. من جهته، أعلن الناطق باسم تنسيقية مهنيي الصحة العمومية، كداد خالد، أن الإضراب الذي شرع فيه الممارسون والأطباء الأخصائيون وأساتذة شبه الطبي والأخصائيون النفسانيون، عبر مختلف ولايات الوطن، لقي استجابة واسعة، وقدر نسبة المشاركة ب 80 بالمائة عبر المؤسسات الصحية الجوارية والمستشفيات، واعترف المتحدث بأن استمرار الوضع على هذا الحال يعد بمثابة ''انتحار'' للمنظومة الصحية، داعيا إلى تدخل الوزير الأول بغرض فض النزاع القائم بين وزارة الصحة وشركائها الاجتماعيين. واستنكر في نفس السياق لجوء مديري المؤسسات الصحية في عدد من الولايات إلى التسخيرة ''بحجة'' عدم توفر الحد الأدنى للخدمات الذي يأمر به القانون، وتابع قائلا إن ''ورقة'' التسخيرة ليست إلا وسيلة لكسر الإضراب. وحسب نفس المصدر، فإن انفجار الوضع في قطاع الصحة دليل قاطع على أن جلسات الحوار المنعقدة في الأشهر الماضية لم تأت بأي نتيجة مهما كان عددها.