الاجتهاد والثقة في النفس مفاتيح لا غنى عنها يتسابق المترشحون لشهادة البكالوريا مع الزمن للظفر بتأشيرة ولوج الجامعة. ورغم هضمهم المقرر الدراسي واستنفاد جميع طرق التحضير، إلا أن القلق والخوف ترتفع وتيرتهما مع اقترب الامتحان، ولكن يجهل هؤلاء أن الوصفة السحرية للنجاح بين أيديهم، وهي فقط أن يدركوا بأن الخوف من الفشل هو العدو الأول للنجاح. لا تعترف الأستاذة فريدة حريكان، مدربة معتمدة في التنمية الأكاديمية العربية للتدريب والتطوير، بالحكمة القائلة "يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان"، فقدرات الإنسان، حسبها، لا تقاس بامتحان مدته ساعة أو ساعاتان. مؤكدة أن مفتاح النجاح يبدأ بالتخلص من الخوف ومن الإيحاءات السلبية التي تثبّط من عزيمة التلميذ، فتجده يردد بأن الفشل مصيره، وبأنه ليس أهلا للنجاح، فكيف نستعدّ للبكالوريا؟. إذا اهتزت ثقتك فقدت تركيزك، يحضّر التلميذ لامتحان البكالوريا طيلة مشواره الدراسي، ويضاعف من مجهوده عندما يقترب الامتحان، فهو بالنسبة إليه امتحان مصيري يحدد مستقبله بدرجة كبيرة، ورغم تحضيره واجتهاده يلازمه دائما الشعور بأنه غير جاهز لخوض غمار هذه التجربة، لكن المختصة حريكان تطمئن التلاميذ بأن اجتهاداتهم لن تذهب أبدا أدراج الرياح فقط إن لم تهتز ثقتهم بأنفسهم وأبعدوا عنهم الأفكار السلبية. وتقول محدثتنا في السياق: "على المترشح أن يثق بالله وأن يدرك أن اجتهاده مخزن في عقله الباطن، وأن التركيز والثقة في النفس تمكنه من إدراك هذه القدرات وتوظيفها بالشكل الجيد عندما يحين الوقت المناسب". وعن طريقة المراجعة الصحيحة تنصح المختصة المترشحين باغتنام فترة قمة النشاط، وأن ينوع بين المواد حتى لا يتسلل إليه الملل، مواصلة: "من الجيد أن يأخذ المترشح وقتا مستقطعا عند المراجعة ليريح نفسه، ومن الأحسن أن يستغل هذا الوقت في ممارسة نشاط رياضي، وعندما يعود للمراجعة وبالطبع لن يكون في قمة النشاط من الأفضل أن يراجع المواد التي يحبها". استعمال الألوان والمراجعة بصوت مسموع ومع بداية العد التنازلي للامتحان، وهي الفترة التي يزيد فيها الضغط، تقدم حريكان جملة من النصائح توضح للمترشح الطريقة الصحيحة لتخزين المعلومات في الدماغ واسترجاعها بسهولة، وهو الهاجس الأكبر للتلاميذ. وتوضح محدثتنا: "على التلميذ أن يعتمد على تلخيص الدروس إلى فقرات ويستخرج أهم العناوين في ورقة، ويستعمل الألوان عند الكتابة، فالعلم أثبت أنه عندما تكون الكتابة بوضوح تكون بنفس الوضوح عند الاسترجاع، ويظهر الدرس وكأنه مصور أمامك". وأضافت المختصة أن اختصار الدرس في فقرات وعناوين من شأنه أن يسهّل على التلميذ الفهم، وبالتالي سيهضم الدرس بسهولة دون أن يكون مضطرا للحفظ كالببغاء، ويبقى عليه فقط يوم الامتحان استرجاع هذه الأفكار وصياغتها في موضوع. وأردفت المختصة أن التلميذ يمكنه أن يتنبأ بالأسئلة عندما يتم اختزال النصوص والدرس، موضحة: "عند تحويل الدرس إلى عناوين ورؤوس أقلام يمكن للتلميذ أن يطرح على نفسه كل الأسئلة التي يمكن توقعها، مثل متى؟ كيف؟ لماذا؟ وإذا طُرح عليه سؤال في ذلك الموضوع يوم الامتحان، أكيد سيكون أحد تلك الأسئلة التي سبق وأن طرحها على نفسه". طريقة أخرى يمكن أن تساعد المترشح في المراجعة، وهي اعتماد أسلوب الشرح، بحيث يتقمص دور الأستاذ ويشرح الدرس لنفسه بصوت مسموع حتى تترسخ المعلومات، مركزة على أهمية المراجعة بصوت مسموع: "الصوت سيسجل في الذاكرة وعندما يحاول استرجاعه يوم الامتحان ستعود إليه تلك المعلومات بسرعة وبسهولة". النوم مبكرا ليلة الامتحان تبقى 24 ساعة التي تسبق الامتحان أكثر اللحظات صعوبة على المترشح للبكالوريا وعلى عائلته، وربما تكون أصعب للبعض من الامتحان نفسه، فالضغط سيكون في أوجّه، والشك يتسلل إلى نفسية التلميذ، ويراوده شعور بنسيان كل ما حضّره لليوم الموعود، وحتى تمرّ هذه الليلة بردا وسلاما على تلاميذنا، تنصحهم المختصة في التنمية البشرية بإراحة أجسادهم ليلجوا قاعة الامتحان وهم في قمة نشاطهم. تقول حريكان أن استيقاظ التلميذ يوم الامتحان وهو يعاني من قلة النوم سيخلق حالة من التوتر في نفسيته، والتجارب العلمية أكدت أن التوتر يؤثر على خلايا الذاكرة «فهي تطلق كيماويات تقتل الخلايا العصبية المرتبطة بالذاكرة طويلة الأمد»، لذا على التلميذ أن يحاول التخلص من الضغط وأن ينام باكرا. وأشارت المختصة إلى أن أحسن توقيت للنوم هو الفترة التي تلي صلاة العشاء إلى منتصف الليل، أين يأخذ الجسم كفايته من الراحة في فترة النوم المركز، والسبب أن ساعة في هذا التوقيت تعادل ثلاث ساعات بعدها، وبالتالي يتخلص الجسم من التعب والقلق والتوتر. لا تهمل كتابة أفكارك أما يوم الامتحان وعندما يتسلم التلميذ ورقة الاسئلة، تراود الغالبية من المترشحين أفكار سلبية ويفكرون أن كل ما درسوه ذهب أدراج الرياح، غير أن ذلك تصورا خاطئا تماما، حسب الأستاذة حريكان. "على المترشح أن يطمئن مادام قد درس وحضّر جيدا، فدائما نعتقد للوهلة الأولى أننا نسينا كل شيء، وعندما يحدث ذلك أنصح التلميذ بأن يسترخي ويعاود قراءة السؤال، ثم يقوم بتفكيكه بوضع خطوط باستعمال القلم، فملامسة القلم للأصابع يزيل التوتر، وهو ما تؤكده التجارب العلمية". وحتى يرتّب أفكاره ويساعد نفسه على استرجاع المعلومات المخزّنة في عقله الباطن، لا يهمل المترشح الأفكار التي تراوده حول السؤال، بل يكتبها على المسودة وعندما يراها على الورقة سيجد أن سيلا من الأفكار ماثلة أمامه». ووجهت المختصة نداء للأولياء والأساتذة ليخففوا الضغط عى المترشحين، فمثلما يفتح النجاح في البكالوريا أفاقا جديدة، فإن الفشل ليس نهاية العالم، مواصلة "الفشل ليس إلا مجموعة تجارب تسبق النجاح، والعالم إيديسون أنار العالم بعد عدة تجارب فاشلة، فلتثقوا في قدراتكم التي حباكم بها الله".