عاشت محكمة مستغانم، أمس، "محاكمة تاريخية" بكل المقاييس. ولم يخطئ مدير أمن هذه الولاية عندما أحاطها بأعداد لا حصر لها من "بلزرق"، الذين منعوا كل من لا يملك استدعاء للمثول من دخول المحكمة، التي استقدم إليها "بلحمر" من سجن سيدي عثمان، الذي قضى فيه أسبوعا محبوسا، لأن العدالة، في مستغانم، اكتشفت أنه يمارس مهنة منظمة بطريقة غير شرعية. «بلحمر"، ذلك الراقي الذي صار يعرفه الجزائريون والأجانب، بعدما استعان به الحاج روراوة، وحرّر له تكليفا رسميا بمهمة، ونصّبه "اختصاصيا في الطب الطبيعي"، وسافر به إلى عشرات البلدان الأجنبية، ليحمي الفريق الوطني الجزائري من العين والمس والجن والوسواس! هذا الراقي، الذي قال، صراحة، إنه ساهم مع عنتر يحيى في الإطاحة ب"الفراعنة" في أم درمان، صار اليوم، في نظر العدالة والقانون، "مشعوذا ومحتالا". لو كان فرانز كافكا حيا وحاضرا أمس في مستغانم، لأتحف العالم بنص روائي ينسي الناس روايته الشهرية "جوزيف ك«. ففي محاكمة "بلحمر"، في محكمة مستغانم، حضر الدين والسياسة وكرة القدم والشعوذة والخوف، والقوة العمومية "الزرقاء"، وعشرات المحامين والمحاميات، الذين تدافعوا حول "بلحمر" ليشاهدوا كيف سيتمكن هذا الراقي، الذي قهر الجن في الشرق والغرب، من التغلب على "الجهاز القضائي" الذي اكتشف، بعد 20 سنة، من التعايش "السلمي" معه أنه مشعوذ محتال، فأرسل إليه إلى مزغران، قبل أسبوع، الشرطة مدعومة بالكلاب البوليسية، لتوقيفه ومحاكمته على ما فعله لفائدة روراوة ومئات أعيان النظام وعائلاتهم، من علاجهم من الجن الذي سكنهم. أين نحن؟ في 2013؟ أم في عصر خارج التاريخ؟ لو كان فرانز كافكا حيا وحاضرا في محكمة مستغانم أمس، وسمع ما قاله أحد المحامين وهو يرافع لفائدة الراقي "إن بلحمر لا يعرف القانون، والقانون لا يعرف بلحمر"، لكتب "تحفة" بطلها القاضي الجزائري، الذي زيادة على محاربة الجريمة المنظمة والفوضوية، والفساد الخارق وكل أشكال مخالفة القانون، إضافة إلى التنفيذ الصارم للتعليمات الهاتفية، يتحمّل اليوم مسؤولية تاريخية جديدة بمبادرة من النيابة العامة، وهي محاربة الجن والعفاريت ومن يتعامل معهم. ما أروع الجزائر! [email protected]