بدأت تتعالى أصوات تطالب وزارة التربية الوطنية بإلغاء اختبار مادة الفلسفة في شهادة البكالوريا وإعادته على المستوى الوطني، بعد فضيحة الغش الجماعي التي شهدها عدد معتبر من المراكز في عدة ولايات. تواجه وزارة التربية الوطنية مشكلة هي سابقة لم يشهد القطاع مثلها منذ الاستقلال، ويقول العديد من المتتبعين إنها ضربة قاضية لمصداقية البكالوريا التي تعد الشهادة الوحيدة المعترف بها في الخارج، إلا أن ما حدث أول أمس يستدعي من الوزارة اتخاذ إجراءات حاسمة لإنصاف المترشحين الذين لم يحاولوا الغش في بقية المراكز في مختلف الولايات. وبالعودة إلى التصريحات التي أطلقها الأمين العام للديوان الوطني للامتحانات والمسابقات، عيسى ميرازي، والقاضية بعدم إعادة الاختبار بل فتح تحقيق ومعاقبة المتسببين في الأمر، فإنها لن تزيد سوى من تأزم الأوضاع. فالملاحظات التي دونها الأساتذة الحراس في المراكز التي شهدت ”الحركة التمردية” تشير إلى وجود ”غش جماعي” ، في حين ينص القانون المعمول به على أنه في حالة غش أو محاولة غش يحرر اعتراف بالغش يمضى من طرف المترشح المعني محل التهمة ويمضى من قبل رئيس مركز الإجراء ويوقف المعني إجباريا ويتم إخراجه من المركز نهائيا، فهل اتبع مسؤولو المراكز المعنية هذه الإجراءات؟ وفي حال ما إذا تم اتباع ما أعلن عنه الأمين العام للديوان فإنه لا يعني سوى السكوت عن المحظور وتشجيع على الغش الجماعي والمعلن مستقبلا. ولم يسبق لقطاع التربية أن عاش المهزلة التي حدثت أول أمس، باستثناء ما حدث في بكالوريا جوان 1992 عندما تم تسريب أسئلة 3 مواد في عدد من المراكز في ولايات مختلفة، وهي الحادثة التي عصفت بوزير التربية آنذاك، علي بن محمد، الذي قدم استقالته مرغما، إلا أنه اتخذ قرارا شجاعا قبل رحيله، حيث تمت إعادة تلك المواد بعد أسبوع من الحادثة. وأخذت حادثة أول أمس منحى آخر حيث أكد الأساتذة المراقبون في المراكز التي شهدت حادثة التمرد أنهم دونوا ملاحظة ”غش جماعي”، فكيف سيحدد الديوان الوطني للامتحانات والمسابقات بلجنته ”المتسببين في الحادثة” طالما أن التقرير الفردي الموقع من قبل رئيس مركز الإجراء هو الوثيقة الوحيدة التي يمكن الاستناد إليها لاتخاذ إجراءات الطرد من المركز، وهي الإجراءات التي لم يتم اتخاذها مثلما ينص عليه القانون، حيث تم السماح للمعنيين بمواصلة الامتحان ”بعد حوار معهم قاده مدير التربية شخصيا”.