تدق الساعة في مصر، تبدأ الآن فصول معركة على صعيدين بين فصيلين في مصر، معركة النفس الطويل في الشارع، الفريق الذي له طول النفس هو الذي سيستعيد الموقف في مصر، السلطة الجديدة والجيش يعتقدان أن نزول المؤيدين للرئيس مرسي موجة عابرة تدوم يومين أو ثلاثة، والمؤيدون يعتقدون أنه بالشارع يمكن أن تكون كل القرارات التي اتخذت محل مراجعة. المعركة الأخرى تدور على الصعيد الدولي، تعتقد السلطة الجديدة في مصر أن البرادعي وعمرو موسى وعمرو كامل يمكن أن يسهموا في تسويق رواية رسمية عما حدث، فيما يحرك المؤيدون آلة الدعاية في الخارج لتكريس صورة الانقلاب العسكري على رئيس شرعي. بين معركة الشارع والمعركة الدولية، قد يبدأ الرصاص في كتابة فصل مأساوي جديد، ذلك أخطر ما في المشهد. لست بصدد مناقشة مسمى ما قام به الجيش المصري على الرئيس مرسي، الساعة لا تعود إلى الوراء، لكنني بصدد التحذير من إخفاق أخلاقي كبير للسلطة الجديدة في مصر، ليس مقبولا غلق قنوات واعتقال صحفيين تحت أي مبرر، فذلك يستدعي شعورا بالإحباط والظلم، وليس مقبولا اعتقال قيادات الإخوان في هذه اللحظة الحرجة، ورفع قضايا ضدهم، فذلك يدفع إلى حالة هيجان وعنف. وليس جديرا عندما تدعو السلطة الجديدة جماعة الإخوان إلى المشاركة في المسار السياسي الجديد، أن تلجأ إلى اعتقال قياداتهم، ذلك قد يبقي كل هذه الجموع من دون قائد قادر على السيطرة عليهم، وفي هكذا حالة بالتأكيد توجد مجموعات لا يمكن السيطرة عليها. تفرض المرحلة أن ينتصر الموقف الأخلاقي في مصر، على الإخفاق الأخلاقي الذي جنحت إليه السلطة الجديدة، وكثير من وسائل الإعلام المحلية، الشماتة بالإعلام والترهيب بالاعتقال ليست من حكمة السياسة، والاستهتار ليس أسلوبا متحضرا، والاستخفاف بالآخر ليست دماثة أخلاق، فذلك إخفاق أخلاقي كبير، ينبت من حقد، ويستنبت الحقد أيضا.، ويستدعي موروثا من العنف شهدته مصر في مراحل متباينة من تاريخها. يحتاج الأشقاء في مصر، أكانوا من موالاة الرئيس مرسي، أو من موالاة السلطة الجديدة، إلى تذكيرهم بالأرقام التي انتهت إليها الأزمة الدامية في الجزائر منذ بداية التسعينات، فللسبب نفسه، توقيف المسار الانتخابي وتدخل الجيش في الانقلاب على شرعية انتخابية، واعتقال قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ، اندفعت مجموعات خارج السيطرة إلى ممارسة العنف المسلح والإرهاب، ونتج عن ذلك 200 ألف قتيل و7400 مفقود، ومئات المغتصبات، ومئات الأطفال الذين ولدوا من حالات الاغتصاب وعدد آخر من الأطفال الذين ولدوا في الجبال، و50 مليار دولار أمريكي من الخسائر، و40 ألف معمل ومصنع ومنشأة إنتاجية مدمرة، و400 ألف منصب شغل في مهب الريح، وديون ب 38 مليار دولار أمريكي. ساعتان تدور عقاربهما بتسارع وتسابق الآن في مصر، ساعة الانفلات، وساعة العقل، فأي ساعة ستدق في مصر؟ [email protected]