من المفارقات العجيبة التي يتميز بها شهر رمضان في ولاية سطيف، ما يقدم عليه العشرات من الشباب مباشرة بعد الظهيرة، حيث تشاهد قوافل من السيارات خاصة منهم الشاحنات الصينية الصغيرة وهي تتجه نحو منطقة واد البارد على بعد 60 كلم شمال شرق الولاية. الغريب في الأمر أن هؤلاء لا يقصدون المكان لاقتناء أكلات شعبية معينة أو حلويات رمضانية كما جرت عليه العادة، لكن الأمر يتعلق أساسا بالاستمتاع بمياه شلالات واد البارد المنعشة، وهي التي تخرج من سفوح الجبال لتصب في برك باردة للغاية، مشكّلة مناظر خلابة يصعب التصديق بأنها توجد في بلدية نائية. وتعتبر زيارة المنطقة في شهر الصيام أمرا ملفتا للانتباه، فالنظر إلى تلك المياه الباردة قد يزيد من شدة العطش، وعادة ما يفتي الأئمة بعدم السباحة في مثل هذا الشهر خوفا من دخول الماء وبالتالي الوقوع في شبهة الإفطار. لكن تأقلم الشباب مع الأمر بات مألوفا، حيث يركن هؤلاء سياراتهم بجانب الشلالات، ثم يتبادلون أطراف الحديث إلى غاية الساعات الأخيرة من النهار، زيادة على إقامة صلاة العصر جماعة مع كل الحاضرين هناك، قبل أن يقوموا بالغطس لبضع دقائق، ومن ثم ملء قارورات من المياه العذبة لشربها عند الإفطار. الجميع هنا في سطيف يعتبرها مكانا مفضلا للابتعاد عن صخب المدينة وحرّها، وآخرون يعتبرونها مجالا لاستهلاك الوقت المتبقي للإفطار، في حين يفضّل البعض اغتنام الفرصة لغسل السيارات، وبين هذا وذاك تبقى المنطقة بحاجة إلى عناية سياحية كبيرة قد تجعلها مكانا مفضلا للسهرات الرمضانية في السنوات المقبلة.