قتل 65 شخصا على الاقل في اشتباكات دامية بين انصار الرئيس الاسلامي المخلوع محمد مرسي وقوات الامن فجر السبت في طريق النصر شمال شرق القاهرة على بعد نحو ثلاثة كيلومترات من تجمع الاخوان المسلمين الذي اكدت السلطات انها ستفضه "في القريب العاجل". في الاثناء ندد شيخ الازهر الامام الاكبر احمد الطيب بسقوط ضحايا، مطالبا بفتح تحقيق ومعاقبة "المجرمين" المسؤولين عن ذلك، كما ندد محمد البرادعي نائب الرئيس المصري ب"الاستخدام المفرط للقوة" واعربت جبهة الانقاذ الوطني عن "الحزن والاسى" لسقوط القتلى.
واعلن مسؤول رفيع المستوى في وزارة الصحة المصرية مساء السبت ان الاشتباكات في مدينة نصر اوقعت 65 قتيلا. وقال خالد الخطيب رئيس الادارة المركزية للرعاية الحرجة والعاجلة بالوزارة في بيان ان "عدد القتلى جراء اشتباكات الجمعة والسبت، ارتفع إلى 74 حالة حتى الآن، من بينهم 9 بمحافظة الإسكندرية، و65 فى اشتباكات وقعت بطريق النصر". وكانت الحصيلة السابقة لاشتباكات الاسكندرية الجمعة ثمانية قتلى. واضاف الخطيب ان الاشتباكات في القاهرة الجمعة والسبت اوقعت 269 جريحا بمحيط رابعة العدوية. وكان انصار مرسي اعلنوا في وقت سابق عن سقوط "اكثر من مئة قتيل" غير ان احمد عارف المتحدث باسمهم عاد واعلن في مؤتمر صحافي بعد ظهر السبت سقوط "66 قتيلا على الاقل" في اشتباكات فجر السبت في شارع النصر.
وبعد ساعات من تظاهرات شاركت فيها حشود هائلة الجمعة في القاهرة والعديد من المحافظات تلبية لدعوة من رجل مصر القوي وزير الدفاع الفريق اول عبد الفتاح السيسي الذي طالب المصريين بالنزول الى الشوارع لتفويضه بمواجهة الارهاب، وقعت مواجهات بين الشرطة واسلاميين على بعد ثلاثة كيلومترات من مسجد رابعة العدوية الذين يعتصمون فيه منذ الثامن والعشرين من يونيو/حزيران الماضي.
وبدأت الاشتباكات بعد منتصف ليل الجمعة السبت عندما حاولت مجموعة من المتظاهرين الاسلاميين قطع مطلع جسر 6 اكتوبر الحيوي الذي يربط شمال وشرق القاهرة بوسط المدينة وجنوبها.
وبحسب شهود عيان فان الشرطة و"البلطجية" اطلقوا الرصاص الحي والخرطوش على المتظاهرين الاسلاميين.
وابدت السلطات المصرية السبت حزما واضحا في التعامل مع الاسلاميين واكد وزير الداخلية محمد ابراهيم في مؤتمر صحافي انه سيتم فض اعتصامي الاسلاميين في القاهرة في "القريب العاجل" و"بأقل قدر من الخسائر". وقال ابراهيم "ونتمنى ان يتعقلوا وان يفضوا هذا الاعتصام قبل ان نفضه بالقوة حفاظا على الدم"، مشددا على انه "سيفض بالطريقة التي لا تحدث قدرا كبيرا من الخسائر لان كل المتواجدين في رابعة هم مصريون". واتهم الوزير الاسلاميين "بافتعال واقعة (الاشتباكات الدامية) لاستثمارها سياسيا". واضاف ان قوات الشرطة "كانت متواجدة في شارع النصر وبينها وبين ميدان رابعة العدوية حيث الاعتصام مسافة كبيرة ولم تتقدم القوات نحو المعتصمين بل هم الذين تحركوا حتى مكان القوات من اجل ان يستثمروا ذلك سياسيا". واكد ان قوات الشرطة فرقت المتظاهرين الاسلاميين "بالغاز المسيل للدموع" عندما حاولوا قطع جسر 6 اكتوبر ولكنهم "عادوا فجأة الى حيث كانت قوات الشرطة متواجدة وبدأوا في اطلاق الاعيرة الحية والخرطوش على القوات". واضاف "بعض الاهالي في المنطقة بدأوا يشتبكون معهم وحصل كر وفر وحاولنا ان نفصل بينهم حتى الصباح". وتابع ان "عددا كبيرا من الضباط والمجندين في الشرطة مصابون بالرصاص الحي وبالخرطوش من بينهم ضابطان في مستشفى مدينة نصر اصيبا بطلقتين في العين حالتهما خطيرة".
وقال ان قيادات جماعة الاخوان المسلمين والاحزاب المتحالفة معها والصادرة اوامر قضائية بتوقيفها "تحتمي وسط المعتصمين"، لذلك لم يتم القاء القبض عليهم حتى الان.
واوضح انه تم القبض على 73 شخصا خلال الاشتباكات في مدينة نصر في القاهرة.
في المقابل اتهم الاسلاميون الفريق اول عبد الفتاح السيسي بالوقوف خلف ما سموه "مجزرة" مدينة نصر، وكان شبان يهتفون في ساحة رابعة العدوية "السيسي سفاح".
وقالت الطبيبة امل احمد ابراهيم في المستشفى الميداني الذي يقيمه الاخوان في رابعة العدوية وهي تشير الى جثث القتلى في المشرحة "لقد اطلق عليهم جميعا رصاص حي".
وقال الامام الاكبر لجامع الازهر الشيخ احمد الطيب في بيان ان "الازهر الشريف وقلبه يتمزق الما بسبب تلك الدماء الغزيرة التي سالت على ارض مصر اليوم، يستنكر ويدين بقوة سقوط هذا العدد من الضحايا"، وطالب "الحكومة الانتقالية بالكشف فورا عن حقيقة الحادث من خلال تحقيق قضائي عاجل وانزال العقوبة الفورية بالمجرمين المسؤولين عنه ايا كانت انتماءاتهم او مواقعهم". وتابع "ان الازهر الشريف بنادي ويستصرخ العقلاء من كل الفصائل ان يبادروا فورا ودون اقصاء الى الجلوس على مائدة حوار (..) ولا يزال الازهر يحذر من انه لا بديل للحوار الا الدمار". من جهته قال نائب الرئيس المصري للعلاقات الدولية محمد البرادعي في تغريدة على حسابه على تويتر انه "يدين بكل قوة الاستخدام المفرط للقوة وسقوط الضحايا" مضيفا "اعمل بكل جهد وفي كل اتجاه لانهاء المواجهة بأسلوب سلمي".
وعبرت جبهة الانقاذ الوطني المصرية عن "الحزن" لسقوط عدد كبير من المصريين قتلى السبت في القاهرة منددة في الوقت نفسه بجماعة الاخوان المسلمين لاستمرارها في "نهج عدائي تحريضي" ومطالبة بتحقيق قضائي مستقل في الاشتباكات. دوليا دعت فرنسا "كافة الاطراف وخصوصا الجيش الى التحلي باكبر قدر من ضبط النفس" في مصر، واعرب وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي السبت عن قلقه الشديد حيال اعمال العنف في مصر.
واعرب وزير الخارجية الاميركية جون كيري عن قلق واشنطن "العميق" بعد "اراقة الدماء والعنف" في مصر.
واضاف كيري في بيان ان السلطات المصرية "لديها واجب اخلاقي وقانوني باحترام الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير".
وفي اسطنبول، دان رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان ما وصفه بانه "مجزرة" في مصر، وانتقد الاسرة الدولية والدول الاسلامية خصوصا على "صمتها".
ودعت وزارة الخارجية التركية من جانبها الى نقل السلطة الى "قيادة ديموقراطية"، في حين تظاهر المئات في اسطنبول تعبيرا عن دعمهم لمرسي.
وفي تطور متصل، اعلنت سلطات مطار القاهرة الدولي مساء السبت تشديد الاجراءات الامنية على القادمين من اربع دول هي افغانستان وباكستان وليبيا واليمن "لمنع دخول ركاب غير مرغوب فيهم"، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد اضطرابات واعمال عنف مسلحة خصوصا في شبه جزيرة سيناء. وتشهد مصر منذ الاطاحة بمرسي في الثالث من تموز/يوليو اضطرابات ومواجهات بين انصار مرسي ومعارضيه اضافة الى تصاعد في الهجمات المسلحة اليومية في شبه جزيرة سيناء على قوات الامن والجيش التي تعزى الى مسلحين اسلاميين متطرفين.