يجب أن نفرق ما بين الخدمة العمومية والنظرة التجارية تحدثّ مدير عام الديوان الوطني للثقافة والإعلام في زيارته إلى “الخبر”، عن القوانين الجديدة التي تمت المصادقة عليها مؤخرا وسمحت بتوسيع صلاحيات الديوان، بالإضافة إلى نشاطاته وبرامجه المستقبلية. وأقرّ مدير الديوان الوطني للثقافة والإعلام، لخضر بن تركي، بأن مصالحه ستتمكن من الانتقال إلى احترافية أكبر في مجال العمل الثقافي، بعد توسيع صلاحيات الديوان، لعقد اتفاقيات عمل وتكوين مع مؤسسات خاصة، جزائرية وأجنبية، لكن المهمة لن تكون سهلة. مضيفا بأن معطيات الساحة الثقافية تغيّرت وطموحات الديوان صارت أكبر. يرى لخضر بن تركي بأن توسيع صلاحيات الديوان، يصب أساسا في دائرة نشاطاته وعلاقاته مع المحيط الخارجي، حيث سيتمكن إثر ذلك من خلق مؤسسات مكملة للديوان. وتابع ضيف “الخبر” مفصلا “لقد لاحظنا منذ سنة 2004 التي تزامنت مع الذكرى الخمسين لاندلاع الثورة، ثم تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية والمهرجان الثقافي الإفريقي، والذكرى الخمسون لاستقلال الجزائر، بأننا نعاني عجزا حقيقيا من الناحية التقنية والفنية، وكنا في كل مرة نستنجد بالأجانب من كل النواحي”. وأوضح مدير عام الديوان بأننا “قدّمنا اقتراحا لوزارة الثقافة لتوسيع مهام الديوان كمؤسسة وتكوين علاقة بالأجهزة المنتجة في المجال السمعي البصري للدعم أو التكوين عن طريق خلق شراكة، وهذا ليكون لنا تأطير أكبر للطاقات الشابة”. وأضاف بن تركي “نحن بحاجة للتكوين في مجال تقنيي الصوت مثلا والإضاءة، وهذا لا يكون إلا عن طريق الاحتكاك، وقد بدأت الثمار تظهر كما هو الحال بالنسبة لمهرجاني تيمڤاد وجميلة”. وأعاب بن تركي غياب مؤسسات مختصة في تكوين تقنيي الإضاءة أو حتى مصممي الرقصات واللوحات الفنية، وصولا إلى مجالات أخرى مرتبطة أساسا بالصناعات الفنية. وأضاف “في ظل الانفتاح الحاصل اليوم، إذا لم نحاول أخذ زمام المبادرة فسيتجاوزنا الزمن، ولهذا فالمطلوب منا اليوم كمؤسسة ثقافية أن تكون لنا علاقة تعاون وشراكة مع مؤسسات وطنية وأجنبية في مجالي الإنتاج والتكوين، ومركزيا يبقى الديوان الوطني للثقافة والإعلام مؤسسة عمومية وتكون لها وجهة تجارية مع مؤسسات أخرى”. وسمح القانون الجديد الذي تم عرضه على مجلس الحكومة مؤخرا، بإعطاء صلاحيات أكبر للديوان لخلق كل علاقات الشراكة، والتي تمكنه الاستفادة من كل الإمكانيات والتطورات التقنية الحاصلة في مجال تكنولوجيا، الإعلام والاتصال”. ويرى لخضر بن تركي بأن الجزائر غائبة فنيا في الفضائيات العربية، ويجب أن يتجه التفكير في هذا الاتجاه أيضا من أجل الترويج لمنتوجنا الفني في الفضائيات العربية والأجنبية لم لا مع خلق شراكة في هذا المجال. واعتبر بن تركي بأن العمل الفني والثقافي اليوم هو أخطر بكثير من الأسلحة، ويجب أن نكون قوة ثقافية حقيقية، لأنه سلاحنا المستقبلي، وهذا لا يمكنه أن يكون إلا من خلال دعم الثقافة من طرف كل الفاعلين. وبصريح العبارة قال المتحدث “أمن الجزائر اليوم ليس قضية خبز وحليب أكثر مما هو قضية وجود في العالم العربي، وكيف نفرض وجودنا بثقافتنا، لأن الصراع والرهان صار أكبر”. كركلا يكتفي بأخذ 25 بالمائة من أتعابه عندما يتعلق الأمر بالجزائر رفض لخضر بن تركي أن تسيّس مسألة التعاون الفني مع الفنان اللبناني عبد الحليم كركلا، الذي أشرف على أوبيرات الاحتفال بالذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر، وبرمجة عرضه الفني “ألف ليلة وليلة” في إطار مهرجان تيمڤاد وليالي الكازيف، معتبرا بأن هذا الأخير فنان واسم عربي كبير، يثير الحساسيات لأنه عربي، عكس أي أجنبي يتم التعاون معه.وقال مدير عام ديوان الثقافة والإعلام “شرف كبير لنا أن يقدم كركلا عملا للجزائر، متسائلا لماذا لدينا مثل هذه العقدة؟”. وتابع “الأكثر من هذا لقد طلبت من كركلا أن يفتتح مدرسة تكوين للرقص في الجزائر، وقال لنا بالحرف الواحد “وفّروا الشروط اللازمة وأنا هنا على أتم الاستعداد للمساعدة”، وهذا ما نعمل عليه”. واعتبر لخضر بن تركي بأن ما يتقاضاه عبد الحليم كركلا نظير أتعابه لا يساوي إلا 25 بالمائة مما يتقاضاه في بلدان أخرى، وهو يعمل على تجسيد عمل فني ضخم في بريطانيا. ندرس مشروع فني ضخم مع فنان عربي كبير كشف مدير الديوان الوطني للثقافة والإعلام لخضر بن تركي، عن مشروع فني ضخم في الأفق يشبه “أوبرا عربية “ من اقتراح اسم عربي كبير وسيتم تجسيده في الجزائر. وحسب بن تركي، سيضم نخبة من النجوم العربية، وقد تم عقد اجتماعات خلال هذه الأسابيع لدراسة الفكرة. وعن الخطة المستقبلية للديوان، أوضح بن تركي أن العديد من ولايات الجنوب الجزائري الكبير ستستفيد من برنامج ثقافي مكثف ينطلق خلال الأيام القادمة لفك العزلة الثقافية عن الجنوب الجزائري، كما أشار إلى أن سنة 2014 ستكون الذكرى ال60 لاندلاع الثورة الجزائرية، الحدث الهام الذي ستتمحور حوله النشاطات الثقافية السنة القادمة، وذلك في إطار “تحسين وخدمة صورة الجزائر في العالم”. نعاني من تداخل الصلاحيات في الجزائر ونجهل كيف نحرر الثقافة وجّه بن تركي نداء إلى رؤساء البلديات عبر الوطن للإسراع والتعاون مع الهيئات التابعة لوزارة الثقافة من أجل تدليل العقبات، وإيجاد سبل تحرير تسيير قاعات السينما والمراكز الثقافية، وقال بن تركي في هذا الإطار: “لا أظن أنه سيكون هناك عزوف للجمهور إذا كانت هناك برامج ثقافية”، وتساءل بن تركي: “ما الفائدة من ترميم قاعة وغلقها”. وتحدّث بن تركي عن واقع القاعات متعددة النشاطات في الجزائر، منذ استقلال الجزائر إلى غاية اليوم، وقال في هذا الإطار “نحتاج إلى أكثر من 300 قاعة متعددة الخدمات في العاصمة”، وأضاف في معرض حديثه عن بلدية باب الواد: “سابقا في باب الواد كان هناك سبع قاعات لم يبق منها إلا قاعة الأطلس”. وأوضح بن تركي، أن الفراغ القانوني وعدم وجود إرادة حقيقية من طرف رؤساء البلديات حول تسيير القاعات متعددة الخدمات الثقافية “فتح المجال إلى تحويل العديد منها إلى متاجر”، بينما تعرضت العشرات منها التي لا تزال مغلقة إلى التلف، وقال بن تركي: “أتمنى من رؤساء البلديات أن يفتحوا مشكلة قاعات السينما ولا ينتظروا القانون”. وتساءل بن تركي: “لماذا عندما يُبنى مركز ثقافي تحتفظ به البلدية عكس المستشفيات وغيرها من المؤسسات التي تعود مسأله تسييرها بشكل آلي إلى الهيئات التابعة لها بمجرد تشييدها”، وقال بن تركي “هناك تداخل في الصلاحيات في الجزائر ولم نعرف كيف نحرّر الثقافة”. هناك مشروع قناة فضائية للديوان تحدث المكلف بالإعلام بالديوان الوطني للثقافة والإعلام سمير مفتاح الذي حل ضيفا على “الخبر” رفقة مدير الديوان، عن مشروع قناة تلفزيونية خاصة بالديوان الوطني، لإعطاء بعدا أوسع لنشاطات الديوان الثقافية. في هذا الإطار، أوضح مدير الديوان بن تركي أن الجزائر بحاجة فعلا إلى الاهتمام بقطاع السمعي البصري، كما قال:”نحن موجودون في الفضائيات العربية بشكل بسيط جدا، بينما القنوات الغربية نحن غير موجودين “ والعمل الثقافي له وجهة استراتيجية أكثر من السلاح. وقال بن تركي أن هناك في الجزائر أزيد من 190 مهرجان يحتاجون فعلا إلى التغطية الإعلامية الكبيرة.